“كتاب الوجه”

Views: 811

د. جان توما

فاجأني اليوم شادي مصري ( تلميذي في التسعينيات والذي لم أره من وقتها) وزوجته سارة السكّري (طالبتي الجامعية ٢٠٢٠)  بهذه الصورة من عام ١٩٩٢، فتذكرت ما كنا نراه في طلابنا، أي” كتاب الوجه” الذي ترجمناه اليوم إلى “فايسبوك”. إنّ تعبير ” كتاب الوجه” أجمل، فيه تعابير سنين وملامح مضت، فيما الشاشات متشابهة، وتحيا في عالم افتراضي، بينما التعلّم أمضى تأثيرًا من وجه إلى وجه.

كلّ تعلّم عن بُِعد لا يُغني عن لقاء الوجوه تفاعلًا وشيئا من التلمذة. إنّ خوف المعلّم الإنساني، في خضّم اضطرابه في شرحه وتوتره في رعاية طلابه، قائم في أن يتحوّل التعلّم عن بُعْدٍ إلى بُعْدٍ عن التعلّم.

ليست القضية طرح معلومات وتخزينها فهي متاحة لأي كان، وليس الموضوع كيف تشرح نظرية أو أفهومًا أو اختبارًا؟ فصفحات الانترنت ملأى بما لذّ وطاب من تقنيات الشرح بالألوان وبوسائل فنّية يعجز عنها الكتاب الورقي.

ولكن اين هو الإنسان في كلّ هذا؟ كيف ينقل المعلّم هذه الخبرات المتراكمة للفكر بالحوار والسلوك؟ توفّر هذه الصورة شبكة من العلاقات الإنسانيّة التي قد لا توفّرها اليوم وسائل التعليم الالكترونيّة، فهي عندما ستقع عليها أنظار الموجودين فيها ستتحرك المشاعر وتوقظ العاطفة مطارح الذكريات.

غريب كيف يذهب المرء حين يرى صورة  قديمة له إلى المقارنة بين ماضيه وحاضره، على الرغم أن الماضي كان حاضرًا في ذلك الزمان. يحمل المرء أيامه عارفًا أنّ العمر شراع مسافر يجول شطآن الدنيا ويعود إلى رصيفه الأول.

في هذه الصورة لكلّ وجه حكاية، لذا فإنّ كلّ وجه فيها، له روايته اليوم في حدود الوطن أو في آفاق العالم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *