وَشمٌ صَباحِيٌّ (143)

Views: 343

د. يوسف عيد

الشكوى لغير الله مذلّة . 

في زمن الصوم تتفتّقُ في عميق أعماقي آمالٌ ورغباتٌ تتكئ على معرفة لما وراء الحياة . ذاكَه الهدفُ الذي تَجهَدُ روحي بلوغَه، في زمن بات فيه شعبي أليماً، حزيناً، مسحوقاً، مرذولاً، فقيراً، مرمىً على طريق الحياة، وجلّادوه لهم عيون ولا يبصرون، وآذان ولا يسمعون، وقلوب ولا يشعرون ، سياسيون أتوا من خوارق الأساطير والخرافات، لا يشبهون البشر بشيء.

جاءوا من كوكب لم يتعرّف إلى الإنسان جَبَلةِ المحبة، والصدق، والأمانة، والرحمة، والضمير، والأخلاق. لمثلهم لم يتجسّد المخلّص، ولم يُصلَب ليَفديهم .

هؤلاء مقيمون في الخطيئة الأصليّة، وقد نجوا من الطوفان خارج سفينة نوح، لذلك هم ناقمون على الإنسان المخَلَّص وعلى القيم والفضائل .

فيا رب، اصغِ الى زفرات بَنيك التي ملأت الأرض والسماوات. أزِح عنهم أبالسةَ العصر، وأشركْهم في فرح الرجاء، وتَحنَّن عليهم في هذا الصوم المبارك بتخفيف أوجاعهم، وأرسِل ملائكَتك تَلُمُّ كلَّ دمعةٍ يَقطُرُها الحزنُ من مآقيهم، فصوتُك العذبُ في حلوقهم أحلى من العسل، وإن لَصِقَتْ نفوسُهم بالتراب، فهي تذوب شوقاً إليك، إلى الخلاص من هؤلاء المارقين،الفاسقين، المنافقين، الفاسدين، الكذبة، الطغاويت، الفاجرين. غِيُّهُم صلاةٌ،  ودستورُهُم ظلامةٌ، وسِيَرُهُم طَعنٌ وظَعنٌ، ونَهجُهُم غَدرٌ وخيانة.

فيا شعبي المعذّب ليس حقاً، بعد الآن، أن تتوجَّه إليهم، أن ترجو من هؤلاء الرُّعاع  حلولاً، ونَفِّض نِعالَكَ من غبار طحينهم، واتّكِل على الله الذي يُحبّنا ونحنُ بنوه. ومَن لديه هذا الرّجاء فليُطهِّر نفسَه من هذه السلطة الغاشمة.

تَعطَّف اللّهُمَّ وارتضِ توبتَنا لننالَ مِن غِنى رحمَتِكَ لنا نِعمةَ الغفرانِ والمصالحة مع الذاتِ المؤمنة، فَتشِعّ سيرتُنا بالمحبّة. ومَن أقام في المحبّة أقام الله فيه. الشكوى لله تزيلُ العلّة ولغيرِه مَذلَّة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *