قصيفي في ندوة حول دور الإعلام الميداني في الحروب: ما قام به خلال حرب تموز لا يقل شأنا عن بطولات المقاومين المجاهدين

Views: 408

 نظم معهد الدراسات الدولية ندوة إلكترونية بعنوان “دور الاعلام الميداني في الحروب والازمات”، بذكرى انتصار لبنان في حرب تموز 2006، برعاية نقيب المحررين جوزيف قصيفي، وحضور المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار، ومشاركة الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدكتور كميل حبيب، الإعلاميين حسين مرتضى وسمير الحسن، إعلاميين من لبنان وفلسطين والعراق ومثقفين.

وتحدث في الندوة التي أقيمت في قرية الساحة التراثية، اعلاميون ميدانيون من فلسطين وسوريا والعراق واليمن، اضافة الى المشاركين الحاضرين الذين تحدثوا عن اهمية الاعلام ودوره في صناعة الانتصارات ومدى تأثير الحرب النفسية على العدو لا سيما في ظل تطور وسائل الاعلام وتعددها التي اصبحت تشكل جبهة مواجهة لا تقل اهمية عن جبهات القتال.

وتخلل الحفل تكريم عدد من الإعلاميين الميدانيين تقدمهم الاعلامي حسين مرتضى.

قصيفي

افتتحت الندوة بكلمة لنقيب المحررين قال فيها: “الاعلام الميداني في الحروب والازمات، هو الذي ينقل المشاهد إلى دائرة الحدث بالصوت والصورة، ويصله بتطورات الارض لحظة فلحظة. معه بات العالم قرية كونية. وتدانت المسافات. والاعلاميون الميدانيون من صحافيين ومصورين هم في حدقة الخطر، يتحملونه ويحملونه في الحل والترحال، وهم يسابقون الخبر في سعيهم إلى إشباع نهم المتابعين، المتلهفين إلى تسقط آخر المستجدات. وهؤلاء هم حرفيون أولا، بصرف النظر عن إنتماءاتهم السياسية، وميولهم والأهواء. وإن العمل الذي يقومون به، يرتكز إلى الابداع والابتكار، وقبل أي شيء إلى الحكمة والحنكة والقدرة على التدبر، والكثير من الشجاعة والجرأة”.

أضاف: “في حرب العام 2006 إقتحموا ألسنة اللهب، وتحدوا القذائف الحارقة، وواجهوا الدبابات، وعاينوا الاضرار، وشهدوا على الوحشية الاسرائيلية التي حصدت مئات الشهداء، واوقعت الآلاف من الجرحى، وجرفت أحياء بأكملها. وعلى الرغم من أن الاعلام العالمي، وخصوصا شبكاته الاوسع إنتشارا ونفوذا وتأثيرا، أسدل ستارا كثيفا من التجهيل والتهميش على ما إرتكب من مجازر. فإن دم الأبرياء لم يجف، بل ظل هادرا كشلال صاخب، يضج في الضمائر، ويطرق ابواب الذاكرة بقوة. لا تنسى تلك الايام التي أثبتت فيها وسائل الاعلام اللبنانية: مرئية، مسموعة ومكتوبة، أنها على قدر المسؤولية الوطنية، فأبرزت وجه لبنان المتضامن ضد العدو الذي استباح أرضه، وقتل شعبه، ودمر مرافقه الحيوية، ومنشآته الاستراتيجية، ودك مدنه وقراه في كل لبنان من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، بلوغا الى البقاع وكان لقصف الجسور رمزية معبرة وهي استهداف جسور التواصل الانساني والمعنوي بين اللبنانيين. وهي لم تبخل بتضحية. وقد سقط شهداء وجرحى، وقصفت محطات إرسال، ومؤسسات تلفزة وسوي بعضها بالارض. تحية إجلال واكبار للشهيدين ليال نجيب، وسليمان الشدياق. دمهما ختم أحمر مهر رسالة الفداء بأحرف من ضياء”.

وتابع: “التكريم اليوم هو بادرة مشكورة من الداعين إليه ومنظميه، وكنت أود لو يكون جامعا لأوسع مروحة من الزملاء الذين يستحقونه، ممن كان لهم حضور بارز، ودور رئيس في الاضاءة على الحرب التي شنتها اسرائيل، وباءت بالفشل، واندحرت جارة اذيال الخيبة. فالجميع انخرط في المقاومة الاعلامية التي كانت الدعامة الرئيس للمقاومة العسكرية والسياسية، وكانوا جسر العبور إلى الانتصار المؤزر. إن الاعلاميين الميدانيين هم شهود اللحظة، وكتبة مسودة التاريخ بما يوفرون من قاعدة معلومات موثقة بالنص والصوت والصورة، تكون منطلقا لكل باحث ومتقص للحقائق التي تدحض الباطل، وتواجه كل تحريف وتزوير تطاول القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وحق الشعوب في تحرير ارضها من الاحتلال”.

وأردف: “نجح الاعلام اللبناني في العام 2006 في ابراز صورة لبنان الموحد، والمتضامن في وجه اسرائيل واطماعها، وكم نحن اليوم في حاجة إلى استعادة هذه الصورة بعيدا من الخلافات، علامات التشرذم الداخلي، والتيارات الخارجية التي تتقاذفنا. إن العدو هزم عندما لم يتمكن من النفاذ من خلال التباينات لتمزيق نسيجنا الوطني الذي يتعين علينا الحفاظ عليه وصونه بالتضحيات وتغليب إرادة الحوار”.

وختم: “إن الاعلام اذا أحسنا استخدامه هو مقاومة دائمة، مقاومة للاحتلال، مقاومة للظلم، مقاومة للفساد، مقاومة للتطبيع مع الذين استباحوا حق الشعب الفلسطيني، مقاومة العابثين بالسلم الأهلي. وإن ما قام به الاعلاميون الميدانيون، من مراسلين ومصورين وتقنيين وسائقين، في حرب تموز العام 2006، هو محطة مضيئة في تاريخ الاعلام اللبناني. وستبقى تلك الايام المجيدة التي سطروا فيها بطولات لا تقل شأنا عن بطولات المقاومين المجاهدين، منطبعة في ذاكرة الوطن، أبد الدهر”.

بشور

بدوره، قال بشور: “أتمنى أن نستعمل كلمة حرب بدل اجتياح لأن المعركة التي تستمر 3 أشهر، يسقط فيها الآلاف تستحق أن تسمى حربا”.

أضاف: “كنت أتابع أخبار المعارك والميدان من أبطال الإعلام الذي استشهد من استشهد منهم وبقي من ينتظر، وما بدلوا تبديلا في حمل رسالة نشر الحقيقة”.

وتحدث عن علاقته الشخصية بالشهيد المصور إلياس الجوهري، الذي استشهد برصاص قناص، فقال: “قبل أن يذهب إلى الإشتباك آنذاك إلتقيته وحاولت أن أثنيه عن الذهاب، فقال لي: غيرنا يقاتل بالبندقية، نحن نقاتل بالكاميرا والقلم”.

حبيب

من جهته، قال عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانيةا لدكتور كميل حبيب : “أنا لم آت إليكم كآخر، أنا أتيتكم لأنني منكم”.

أضاف: “انتصار تموز عام 2006 يعتبر انتصارا استثنائيا بمفهوم الحروب غير التقليدية، حيث انتصرت المقاومة على دولة، ولم يتم استثمار ذلك الإنتصار كما يجب. أظهرت المقاومة أنها تقاتل بمبادئها أي صراحة الإلتزام وإيمان الإنتماء ونهائية العداء للكيان الصهيوني وخارج أي مساومة أو لعب من السياسة تحت الطاولة أو فوقها. كان يجب أن يستثمر لبنان الرسمي انتصار تموز لأنه ليس حدثا عاديا، بل هو يوم من أيام العالم الكبرى. إنتصار تموز يستحق أن يدرس وأن يدرس من ضمن المناهج الاستراتيجية العسكرية، فقد أدخل مصطلحات جديدة على قاموس خطاب المقاوم والسياسي، وهذا ما يجب أن تبنى عليه دراسات حول دور الإعلام إبان النزاعات والحروب”.

وتابع: “إن الحرب دون إعلام ليست حربا حتى من قبل أن تبدأ، فالإعلام أداة من الأدوات التي يستخدمها أطراف القتال بقوة للتضليل أو الدعاية أو التعتيم أو الخطابات أو المقابلات التلفزيونية”.

وختم: “لا تزال إسرائيل قادرة على أن تقصف وأن تخرب لكنها لم يعد باستطاعتها أن تنتصر، فالإنتصار لنا. وأما الذين ينتظرون سقوطنا، فهم سيحتاجون للحماية يوما ما”.

مرتضى

وقال مرتضى باسم المكرمين: “نترحم على أرواح شهداء المقاومة الذين ما زالوا حتى الآن وحتى هذه اللحظات، يقدمون دماءهم من أجل أن نحيا بعز وكرامة، وكان آخرهم الشهيد الذي سقط قبل ايام عندما كان العدوان الصهيوني على احدى النقاط بالعاصمة السورية دمشق”.

أضاف: “من هنا أوجه تحية ورحمة إلى كل الشهداء في الجيش اللبناني والجيش العربي السوري وشهداء الحرس الثوري وشهداء الحشد الشعبي وشهداء اليمن وكل الشهداء والمقاومين الذين يقاتلون ويقاومون اليوم العدو أينما وجد هذا العدو، لأن ومع كل هذه التطورات لا يمكن أن نفصل جبهة عن جبهة، ولا يمكن ان نفصل مقاومة عن مقاومة، ولا يمكن أن نفصل جيشا عن جيش يحمل نفس العقيدة والمبادىء ويقاتل نفس العدو”.

وتابع: “نحن الآن أمام انتصارين: الإنتصار الأول هو انتصار تموز عام 2006 بوجه كيان الإحتلال الصهيوني، والإنتصار الثاني عندما قاتل المقاومون إلى جانب الجيش اللبناني والجيش العربي السوري الإرهابيين في القلمون وفي جرود عرسال”.

مداخلات

وتخللت الندوة مداخلة عبر مواقع التواصل الإجتماعي للعديد من الإعلاميين، من بينهم الصحافي يوسف أبو كريك من غزة في فلسطين قال فيها: “أشكركم على الحديث عن تجربة العمل الإعلامي في الأراضي الفلسطينية خاصة في منطقة تشهد توترا شبه دائم وصار الهدوء فيها استثناء. عند الحديث عن العمل الميداني في الحروب والأزمات لا بد من التعريج على احصاءات تشير إلى إرتقاء 42 شهيدا إعلاميا في الأراضي الفلسطينية منذ اغتيال هاني عابد في نوفمبر 1994، والإنتهاء باستشهاد الزميل أحمد أبو حسين في إبريل 2018 خلال تغطيته الميدانية لمسيرات العودة وكسر الحصار ودون الخوض كثيرا في تفاصيل إغتيالاتهم، إلا أن العامل المشترك بينهم جميعا هو محاولة الإسرائيلي إسكات الصوت وتغييب الصورة عما يجري بالأراضي الفلسطينية سواء بالقدس أو بالضفة أو بغزة”.

أضاف: “هنا أتحدث عن تجربتنا الميدانية في تغطية ومتابعة الحروب والأزمات التي يعيشها قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، والحقيقة أننا نعمل في ظروف معقدة وأن جملة من الإجراءات تؤثر بشكل مباشر على العمل الإعلامي الميداني وخصوصا بوقت المواجهات العسكرية مع الإحتلال”.

وتابع: “لا يوجد قانون يمكن أن يحكم قوة البندقية والمدفعية الإسرائيلية التي تعمدت أكثر من مرة استهداف الإعلاميين بشكل مباشر. نحن كإعلاميين في الأراضي الفلسطينية وخلال المواجهات العسكرية مع الاحتلال، جميعنا ربما شهداء مع وقف التنفيذ. الكثير من المؤسسات الإعلامية جرى إخلاؤها خشية الإستهداف المتعمد الذي حصل أكثر من مرة، وذلك لأن الكيان الصهيوني بكل مواجهاته خسر معركة الصورة”.

دروع

واختتمت الندوة بتسليم بعض الدروع للصحافيين المكرمين من أجل جهودهم في نقل الصورة الصحيحة وعلى رأسهم الإعلامي مرتضى.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *