فريد  غصن سليل المدرستين المصرية واللبنانية… علّم فريد  الأطرش ولحّن لأم كلثوم

Views: 1035

سليمان بختي    

الملحّن فريد  غصن ( 1912-1985) هو سليل المدرستين الموسيقيتين  المصرية واللبنانية. هوالملحن غير المصري الوحيد الذي لحن لأم كلثوم أغنية “وقفت أودع حبيبي ” ولم تسجلها أم كلثوم في ريبورتوارها. . 

مجدد ومبدع في الموسيقى العربية وأحد  أعمدتها إبان العصر الذهبي  في ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضي إذ ملأت الحانه معظم الأفلام الغنائية السينمائية .. و هو أول من لحن بالعربية ألحاناً موزعة لأربعة أصوات . لقب بملك العود وقال فيه محمد عبد الوهاب انه ” أضاف الأسلوب الاسباني على عزف العود “. كما لقبه مدحت عاصم  الملحن و(مدير إذاعة القاهرة) أنه “نابغة العود الذي يضمن لهذه الآلة حضوراً رفيعاً في الفرقة الموسيقية “.  

ولد الياس نعمة الله شلالا في الاسكندرية عام 1912 ومن قرية حياطة ( كسروان). هاجرت  عائلته  إلى الأرجنتين وقضت فيها سنوات متواصلة ثم عادت إلى مصر للإقامة فيها. كانت أمنية فريد غصن ان يصبح طبيباً وكانت أمنية والده أن يصير مهندساً ، أما جاره الموسيقي اليوناني العجوز فقد  توسم فيه موسيقياً لموهبته الفطرية النادرة فعلمه مبادىء الموسيقى وأصول تأليفها مروراً بتوزيع الألحان. وهنا  برزت موهبته في مقطوعات صغيرة  لفتت إليه الأنظار. 

 

بدأ حياته كعازف على العود مع فرقة سامي الشوا ، ثم  في فرقة أمين حنين. وانتقل بعد ذلك  إلى فرقة منيرة المهدية التي صحبته في رحلات عدة إلى تونس.

التحق منذ العام 1932 ولمدة خمسة عشر عاماً رئيساً لفرقة بديعة مصابني ولحن استعراضاتها الغنائية ومشاركاً بالعزف. 

تمتع فريد غصن بثقافة موسيقية  عالية وعرف أصولها الشرقية والغربية. وكان ملمّاً باللغات الأجنبية نظراً لإمضائه عشرة أعوام في الأرجنتين. اعتبره النقاد أحد أمهر العازفين على العود كما اشتهر بألحانه المنسابة وصنف مع كبار الملحنين في مصر أمثال القصبجي وزكريا أحمد والسنباطي  وعبد  الوهاب وفريد الأطرش. وشارك  بوضع أغان لأفلام عديدة. وتميز أيضاً بكتابة الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام. وادخل العديد من القوالب والأشكال الحديثة في الموسيقى العربية.  

على مدى خمسين عاماً ساعد فريد غصن العديد من الفنانين المصريين واللبنانيين في الوصول إلى الشهرة. تتلمذ على يديه في مصر فريد الأطرش واكتسب منه قوة في عزفه خصوصاً استخدام اليد اليمنى (الريشة) وكان فريد الأطرش يردد دائماً “فريد غصن دا صاحب نعمتي” رعى كل المطربات اللبنانيات اللواتي كن يقصدن القاهرة. فلحن لنور الهدى أجمل أغنياتها. ولحن لصباح “إيه معنى الحب” و”لبنان زانو من الربيع وشاح “. ولحن للمطربة لور  دكاش أغنيتها الشهيرة ” آمنت بالله ” ولحن لنادرة “قصيدة الليل” ولحن من كلمات جبران ” سكن الليل ” وغنتها شهرزاد.

 

  ولحن أغنية ” كل دقة في قلبي” للمطربة نازك. ولحن لعبد الغني السيد أغنية ” العشرة صعبانة علي”. ولنادرة الشامية أغنية “بين الزهور والميا” ولمحمد قنديل وابراهيم حموده وهدى سلطان ونجاة الصغيرة ومحمد  مرعي وغيرهم. 

كان فريد غصن اول ملحن عربي ينضم إلى جمعية المؤلفين والملحنين في باريس (سيسم) وزار الجمعية في باريس ثم عاد إلى مصر ليقنع الفنانين المصريين بالانتساب للجمعية وإنشاء فرع لها في مصر. وتشكلت الجمعية في مصر من محمد عبد الوهاب رئيساً وفريد غصن وكيلاً والاعضاء بديع  خيري ويوسف وهبي وصالح  جودت ونجيب الريحاني وسليمان نجيب وغيرهم. شجع هذا الأمر فريد لإيفاد  شقيقه إميل إلى بيروت ليتصل بزملائه  الفنانين وإنشاء فرع للجمعية في بيروت تحفظ حقوقهم. وتألفت الجمعية في لبنان من توفيق الباشا ووديع الصافي والاخوين رحباني وأسعد سابا وأسعد السبعلي  وعبد الجليل  وهبي وفيلمون وهبي وغيرهم.  وتغيرت الأيام  معه فعاد إلى لبنان في العام 1957 وعمل في الإذاعة اللبنانية ملحناً وفي المعهد الموسيقي الوطني مدرساً للغناء والعود. ومن تلامذته مارسيل خليفة وجورج ثابت وسمير يزبك وجورج روفايل وغيرهم. 

كما درج على إقامته الحفلات الموسيقية على مسرح ” الوست هول ” في الجامعة الاميركية في بيروت. ومن اهم معزوفاته معزوفة ” العاصفة” التي أذهلت المستمعين من جمال اللحن وروعة الاداء. ترك  فريد غصن ثلاثة كتب موسيقية هي: علم التأليف الموسيقي ، علم التلحين العربي ، منهاج  لعزف العود الحديث. ومقالات كثيرة نشرت في الصحافة المصرية ولم تجمع. ويعتبره الأب الدكتور بديع الحاج أنه رائد في عالم الموسيقى في العزف على العود وفي تأليف الموسيقى و تلحين الأغاني و في رؤيته لمستقبل الموسيقى العربية كما في حرصه على حقوق المؤلف والملحن العربي وعلاقته  مع وطنه الأم ومصر بلد إبداعه الموسيقي.

 

ونظراً لعطاءاته الفنية منحه باي تونس الوسام التونسي من رتبة فارس. 

عام 1970 أصيب فريد غصن بجلطة سببت له فالجاً أقعده نحو15 عاماً وأعاق عمله الفني وقضى بقية حياته في منزله في جل الديب إلى ان غيبه الموت في الاول من أيلول 1985. ألقيت على سيرته وإنجازاته ستائر النسيان. ولم تمنحه الدولة اللبنانية أي وسام ولم يطلق اسمه على شارع في بيروت أوفي قريته.

وحده المجمع العربي للموسيقى (جامعة الدول العربية) كرمه ورفع ذكره في المؤتمر الخامس عشر الذي عقده في جامعة الروح القدس – الكسليك في عام 1999.

كان فريد غصن في مصر ولبنان علماً من أعلام الموسيقى العربية وكبيراً من كبارها ، ترك تأثيره العميق في تطور الموسيقى والغناء في لبنان ودنيا العرب، بعد 35 سنة على غيابه وحدها الحانه وموسيقاه تعرف قيمة مبدعها. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *