حديث…..

Views: 14

د. جان توما

ارتاح الكلام تحت أوراق شجرة سنديانة وغفا. لم يره أحد.

أخذه حفيف أوراق الوقت، وسلّمه مفاتيح الصدى العتيق في أودية العذارى وتلال ينابيع الحياة.

لم يترك الكلام المكان ولم يترك النسيم. لملم  بعض همسات السّماء. (hiboost.com) حفر اسمه على جذع السنديانة، ودّع أعشاش العصافير قبل رحيل الأجنحة بفرح ، وخرج إلى صمت الأشياء.

كلّ كلام الدنيا لا يساوي سبحة صلاة في يد بسيط جالس على صخرة في مواجهة رياح العمر.

كأنّ الكلام فتات خبز مرتاح في راحتَي مسافر في بقايا عرق زعتر برّي، ونسغ أعشاب البرّية العذراء التي لم يدخلها إنسان ولم يمسسها بشري.

هنا تغني الطبيعة موّالها ليكون الصدى كورسها ،وعوامل الطبيعة فرقتها الموسيقيّة، لعلّ العرب حين اعتمدوا كلمة التخت الفارسية التي تعني منصة أو صدر المجلس، أو الدكة التي تنصب فوق منضدة عالية لتكون مجلس المغني ورجاله، ذهبوا إلى مفهوم الأحلام الساكنة في عقول الحالمين بمصالحة الذات ومصالحة العالم، بسكينة المحيط، وهدأة الروح، واستقرار نبض الحياة.

من أين أتى هذا القلق العالمي؟ وكيف محا فصل الأوبئة فصول الدنيا واستقرّ مكانها؛ زرعًا وحصادًا وتمدّدًا؟ كيف لمن له هذه المساحة من ضباب الوادي، وقمر التلال، وسهول الهوى، وبساتين الرزق أن يقع فريسة ما زرعته يداه؟.

لكلّ زرع أوانه، ولكلّ حصاد موسمه، ولكلّ عالم فلاحه وحصّاده، فمن خرّب التوازن وخربط المعادلات، وتعدّى على قوانين الحياة؟

من تحت هذه السنديانة، ومن بين ضربات العصي، والجلوس على الحجارة، وترداد الجمل والتعابير، خرج المبدعون والفنانون والكتّاب وما خربوا الدنيا، فماذا فعل بالعالم، جشعًا بمواده الاوّليّة وطمعًا، الذين تخرّجوا من الصروح والمختبرات، وحقول التجارب والجلوس على الوثير أمام شاشات صماء جامدة؟

لن يعود وجه العالم إلى براءته إلّا حين يؤمن إنسانه أنّ العفوية أجمل، والبراءة أفضل، وأنّ بساطة الحياة …منتهى الغايات.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *