سجلوا عندكم

النّور

Views: 37

د. جان توما

يطل النّور من بين أصابع الحديد المتشابكة، ومن تحت قنطرة الأمل. تصطف الحجارة بخجل، تحمل شيئا من القداسة والرّجاء. (https://www.iport.com/) كم وجه وقف هنا ليبصر شروق الشمس أو غروبها؟كم تذكّر الواقف هنا من أحبّهم، ومن رافقهم، في طفولتهم وشبابهم؟

لكلّ امرىء نافذته التي تقوده إلى حريّة الحياة. منّا من يستلّمها مبنية جاهزة كشرفة مطلّة على المدى، ومنّا من يجرّح راحتيه لبناء كوّة في مسرى حياته، ويدمّل كتفيه حاملًا حجارة البناء كي يرسم على الحيطان تلك الشبابيك، التي لو حكت لنقلت تلك الآهات والزفرات وتقاسيم إيقاع الحياة.

كانت النافذة قديما تُبنى من حواضر البيت، فالحجارة من الجلول، تأتي غير منتظمة، فيهندسها المعماري بذوقه الفنّي التقليدي ليبقى الحجر شاهدًا على قدرته العفوية وإبداعه في رفع القنطرة، أو الحنية، مواكبة لحنية ظهره، وتحمّله تكاليف الحياة وصعوباتها.

ترتفع الشبابيك ليدخل الهواء والنّور، ولكي يلحظ أهل البيت الدرب ومن سار عليه باتجاههم. صحيح أنّ بيوت القريّة كانت تضع عند مصطبة مدخل البيت جرّة ماء وأبريقًا للعابرين، لإطفاء ظمأ العابرين، ولكن الأصحّ سرعة أهل البيت في تقديم التين والعنب للمارّين سيرًا إلى القرى المجاورة.

كان خيط حديد النافذة يتكامل مع خطّ ماء الشرب في تلك الأيام التي لا تتكرّر ولن تعود.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *