أسبوعيات (60)
جوزف أبي ضاهر
تلعب شمس الصيف بالألوان منذ الصباح الباكر.
لا تترك حبّة تراب من دون أن تلمسها.
قبل المساء… تغتسل في البحر لتدخل فراشها نظيفة.
***
تشتهي العيون أولاد الشجر.
تمتد الأيدي، وتسيل الرغبة على الشفاه.
أما الشجر فيبكي أولاده ورقة، ورقة.
***
أمسك الوقتُ بيد شمس الصيف.
ضاعت مواعيد، وظلّ النهار يتهالك على نفسه حتّى تصبب عرقًا.
***
أَدخلُ الفيءَ قبل أن أسمع كلمة: «تفضّل».
تتدلى نسمة من شجرة، امتلئ بها. انهض إلى النهار من جديد.
***
عَلّق الصيف إبريقه في خيمة.
غافله العطش وشرب…
سمع الماء أغنية الشفتين.
***
من زمان وشمس الصيف تنهض من نومها عارية.
تتلمذ الناس على جسدها.
حين تنعس يقرأ الليل أسرار اللهب.
***
رمى الفلاح منجله على حافة النهر، ضحك النهر وترنّح:
بالأمس، كنت في ذاكرته، وفي ترابه. اليوم، أغسل وجهه، وآخذ من تعبه غبار الحصاد. (tractorjunction.com)
***
اتكأت سنديانة على كتف كنيسة.
شاهد الناس كرسي اعتراف فُتح بابه، ولم تتسرّب منه ملامح كلمة.
***
وعد السهل الفلاح بغلال وفيرة.
وعد الفلاح زوجته بقمح وزيت ونبيذ.
صلّت الزوجة ليأكل صغارها من مائدة المستقبل.
***
وقفت الشمس في باب عجوز، أعطتها العجوز «حسنة»، وأحكمت إغلاق الباب خلفها.
وقفت الشمس في باب صبيّة، ألبستها الصبيّة قميصها الشفاف، وأهدتها مرآتها.
***
كشفت العريشة عن صدرها، مدّ الناطور عنقه… ويده.
قطف من الضوء حتّى امتلأت السلال.
… وحين جلس القمر إلى مائدته سكب النبيذ من عينيه.
***
قلّمت الصبيّة أظافر الحبق.
عبقت الدّرب بوقع خطوات الزوّار.
***
لحقت زهرة بالشمس. مشت معها يومًا كاملاً، في ختامه بدأ الذبول يأكل أطرافها حتّى اليباس.
قيل: الشمس حرقتها.
… وقيل: الشمس لا تحبّ مَن يلحقها متشبهًا بها.
… وقيل أكثر: هذه نهاية المقلّدين.
سُمع من الأعماق صوت دفين: الأرض تأكل أبناءها، ولن يشفع بهم: الشبه والتشبّه والتقليد… حتّى ولو ابتعدوا إلى السماء.