أسبوعيات (60)

Views: 311

 

جوزف أبي ضاهر

 

تلعب شمس الصيف بالألوان منذ الصباح الباكر. 

لا تترك حبّة تراب من دون أن تلمسها.

قبل المساء… تغتسل في البحر لتدخل فراشها نظيفة.

***

تشتهي العيون أولاد الشجر.

تمتد الأيدي، وتسيل الرغبة على الشفاه.

أما الشجر فيبكي أولاده ورقة، ورقة.

***

أمسك الوقتُ بيد شمس الصيف. 

ضاعت مواعيد، وظلّ النهار يتهالك على نفسه حتّى تصبب عرقًا.

***

أَدخلُ الفيءَ قبل أن أسمع كلمة: «تفضّل».

تتدلى نسمة من شجرة، امتلئ بها. انهض إلى النهار من جديد.

***

عَلّق الصيف إبريقه في خيمة.

غافله العطش وشرب…

سمع الماء أغنية الشفتين.

***

من زمان وشمس الصيف تنهض من نومها عارية.

تتلمذ الناس على جسدها.

حين تنعس يقرأ الليل أسرار اللهب.

***

رمى الفلاح منجله على حافة النهر، ضحك النهر وترنّح:

­ بالأمس، كنت في ذاكرته، وفي ترابه. اليوم، أغسل وجهه، وآخذ من تعبه غبار الحصاد.

***

اتكأت سنديانة على كتف كنيسة.

شاهد الناس كرسي اعتراف فُتح بابه، ولم تتسرّب منه ملامح كلمة.

***

وعد السهل الفلاح بغلال وفيرة.

وعد الفلاح زوجته بقمح وزيت ونبيذ.

صلّت الزوجة ليأكل صغارها من مائدة المستقبل.

***

وقفت الشمس في باب عجوز، أعطتها العجوز «حسنة»، وأحكمت إغلاق الباب خلفها.

وقفت الشمس في باب صبيّة، ألبستها الصبيّة قميصها الشفاف، وأهدتها مرآتها.

***

كشفت العريشة عن صدرها، مدّ الناطور عنقه… ويده.

قطف من الضوء حتّى امتلأت السلال.

… وحين جلس القمر إلى مائدته سكب النبيذ من عينيه.

***

قلّمت الصبيّة أظافر الحبق.

عبقت الدّرب بوقع خطوات الزوّار.

***

لحقت زهرة بالشمس. مشت معها يومًا كاملاً، في ختامه بدأ الذبول يأكل أطرافها حتّى اليباس.

قيل: الشمس حرقتها.

… وقيل: الشمس لا تحبّ مَن يلحقها متشبهًا بها.

… وقيل أكثر: هذه نهاية المقلّدين.

سُمع من الأعماق صوت دفين: الأرض تأكل أبناءها، ولن يشفع بهم: الشبه والتشبّه والتقليد… حتّى ولو ابتعدوا إلى السماء.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *