“يا من يحن إليك  فؤادي”… أغنية و قصة وحديث الربى

Views: 25

سليمان بختي

تحمل أغنية “يا من يحن إليك  فؤادي” أكثر من قصة مثل كل أغنية فلكلورية. كما يعود تاريخها إلى أواسط القرن الثامن عشر واستمرّت تتردّد حتى عصرنا وستبقى لأنها باتت جزءاً من الفلكلور . ففي حين توكيد  الأب الدكتور بديع الحاج بأن هذه الأغنية أصلها “قد من القدود ” وهي تؤكد على قد أغنية  ” يا مال الشام يا الله يا مالي”. (garlandpediatricdental.com) وإن الذي أعاد النظر فيها هو الملحن السوري سهيل عرفة . ويأتي بعده الأخوان عاصي ومنصور الرحباني ومن غناء فيروز في أسطوانة أغاني من الماضي. يرجح الباحث مروان أبونصر الدين في كتابه ” الشعر اللبناني والغناء الفلكلوري”  إنها من الموشحات وإن ناظمها هو شاعر من آل الوزان. وإن أول  من غناها هو متري المر وكان يملك متجراً لبيع الاسطوانات في محلة باب ادريس في مدينة بيروت. ثم غناها بعده مطربون عديدون ومنهم نزهة يونس .

نزهة يونس

 

***

ولكن ثمة قصة مختلفة لهذه الأغنية رواها كرم ملحم كرم في مجلة “ألف ليلة وليلة”. ومفادها أن شاعراً كان يحب إحدى الفتيات وكانت تنتظره  كل مساء خلف شباك بيتها وهي تغزل الصوف. وكان بينها وبينه حديث عيون وأشواق بلا كلمات. لم يستطع الشاعر العاشق أن يبثها أشواقه ولا كانت أحواله المادية تسعفه كي يتزوجها. كتب لها على ورقة صغيرة انه سيسافر ليحسن وضعه ويطلبها للزواج . طال السفر وفاض الشوق ولا سبيل إلى نسيانها.

أما  فتاة الشباك فقد  استاءت من تصرفه ومن انقطاع أخباره، وحارت في أمرها . فامتهنت بيع الزهور إلى ان أوصلها القدر إلى أحد الملاهي في منطقة الزيتونة في  بيروت. وبعد طول  غياب عاد الشاب من السفر وراح إلى المكان الذي رآها فيه آخر مرة فلم يجد النافذة ولا الفتاة ولا مغازل الصور ولا البيت. سأل عنها فعلم بأمرها وعرف عنوانها.

قصد الملهى الذي تعمل فيه، رآها  في زاوية المكان تشرب كأساً من الخمر. وعندما اقترب منها عرفته. أصابتها الصدمة وضربت وجهها بالكأس والدموع.

لور دكاش

 

ماذا  فعل العاشق الشاعر؟ ذهب إلى القصيدة علها تقيه لفح الهجر والخسران. فكتب:” يا من يحن إليك فؤادي… هل  تذكرين عهود  ودادي… هل  تذكرين ليالي هوانا …  يوم التقينا وطاب لقانا … حين الوفاء للأغاني دعانا … طاف الجمال على  كل وادي… هل تذكرين غداة الورود…. حنت علينا وطابت وعودي… كانت لنا في الغرام عهود… صارت حديث الربى والشوادي”.

هنا تنتهي القصة وقد تبناها كاملة الكاتب اللبناني انطوان غندور في برنامجه التلفزيوني “كانت أيام” في  السبعينيات.

غير أن المؤرخ الفني روبير الصفدي يقول إن القصة ليست حقيقية، وإن كل الأغاني التي عرفت في القرن التاسع عشر تعتبر من الفلكلور وليس هناك معلومات موثقة حولها.

 

ربما تكون القصة  حقيقية، و ربما تكون أسطورة وربما لا  ولا  يزال العاشق الشاعر ينتظر الوصال. وربما لا تزال حبيبته خلف الشباك تغزل الصوف أو تحمل الوردة لعاشق عاثر ضائع. ولكن احلى ما يبقى بعد القصة أو الحكاية هو الأغنية. والأغنية دائماً تعيش أكثر من أبطالها وكلماتها والحانها . تعيش لتصبح “حديث الربى و الشوادي”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *