رؤيا

Views: 749

سلمان زين الدين

 

حينَ ألقى رأسَهُ فوقَ الوسادهْ،

وَسَطا النَّومُ عليهِ  خُلسةً،

وَاندسَّ بينَ الجفنِ والجفنِ

كَلِصٍّ يَتَخَفّى

خَشيةَ القبضِ عليهِ،

فتحَ الشاعرُ عينيهِ على

ما لمْ يُشاهدْ مثلَهُ، يومًا

ولمْ يَخطُرْ على قلبِ بشرْ

وَرَأى، فيما يَرى النّائمُ، رؤيا

ما رأى قطُّ شبيهًا،

في رؤى الغيبِ، لَها

أو في الشَّهادهْ

 ***

    يَمتطي الرِّيحَ بساطًا عسجديًّا

نسجَتْهُ من خيوطِ الشَّمسِ

أنوالُ القَدَرْ

راحَ يرتادُ السَّماواتِ العلى

طائرًا فوقَ البحارِ السَّبعةِ الزَّرقاءِ

تُغْويهِ النُّجومُ الزُّهرُ أحيانًا

وَيُغْريهِ القمرْ

فإذا ما أبصرَ الأخضرَ

في الماءِ جميلًا

وَعَراهُ الشَّوقُ للبحرِ

ونادَتْهُ مواعيدُ الجُزُرْ

خرَّ من عَليائِهِ مُلتمسًا

شيئًا منَ الرُّوحِ

بأجسادِ الشَّجَرْ

***

    نَزَلَ الشاعرُ من مركبِهِ الجوِّيِّ

في البرِّ الذي ألقى

إلى البحرِ مصيرَهْ

وَمَضى يستطلعُ الأحوالَ

في تلكَ الجزيرهْ

فرأى الذِّئبَ معَ الأغنامِ

في قلبِ الحظيرهْ

ورأى الغابَ يُغنّي

فاتنَ اللحنِ

ولمْ يسمعْ فحيحًا طائفيّا،

أو نهيقًا عائليّا،

أو شحيجًا عنصريّا 

ورأى الناسَ فُرادى وَزُمَرْ

ينهلونَ الودَّ منْ يَنْبوعِهِ

صِرفًا صُراحًا،

منْ نهوضِ الشَّمسِ في الصُّبحِ

إلى نومِ القمرْ

لم تفرِّقْ بينَهُمْ

طائفةُ أو مذهبٌ أو لونُ وجهٍ،

لم يَشُبْ ودَّ الينابيعِ كَدَرْ

***

 فجأةً،

دوَّى ظلامٌ مستطيرٌ،

أجفلَ الشّاعرُ من أحلامِهِ،

هبَّ منَ النَّومِ سريعًا

سائلًا عمّا جرى،

أخبرَتْهُ الرِّيحُ

أنَّ الظُّلمةَ البهماءَ

تجتاحُ قناديلَ القُرى

الأربعاء، في 8 / 2 /2017

***

(*) من مجموعة “أحوال الماء”

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *