خواطر من عناوين… قراءةفي “أزاهير العبث”  لناتالي الخوري غريب

Views: 906

يوسف طراد

إثنان وأربعون مقطعًا كنحلٍ على طرقات الربيع غامر في فضاء الفلسفة، نهل الأريج من زهور أشواك الحياة ليصب عسله في شهد قفيرٍ واحدٍ هو كتاب (أزاهير الحياة) للدكتورة ناتالي الخوري غريب الصادر عن دار سائر المشرق.

شارك الدكتور عبد الدائم السلّامي قُراء فلسفة الدكتورة غريب وجبة غنية في مضمونها ومدلولها فكانت (وليمة الغبطة)، مقدَمةٌ رائعة للدخول إلى متاهات فلسفية لا تنجلي إلّا بمراجعتها عدّة مرّات لنكتشف بابها ومخرجها.

فصلان غير منفصلان (صنّاع الهباء) و(طين في متاهات النفس) شكّلا العمود الفقري لهيكل كتاب دَخَلَ العبث فوُلدت أزاهير خيالية تراءت من قبب فكر كاتبة لتجعلنا نعلم قيمة الوقت الثاني فكوَّنا اسطرلابًا زمنيًا بمحتوى سريالي وثمار شجرة أسطورية سكنت المحتوى كساعة الغلاف.

(العبث مصيدة الفرح) ولجنا الكتاب رأسًا إلى المسرح الكبير، أخذتنا دهشة القراءة في دروبٍ كثيرة لالتقاط الظلال المهاجرة كطفلٍ يلتقط الفراشات بحبور فعشقنا الحياة وعشقتنا، لكن إياكم والعبث كي لا تفقدوا الفرح. (الحياة رحلة في الضباب) لأنّ المسافات تموت في الضباب وجدنا بين السطور حدود الصوت والإدراك “أمّا صوت ارتطامك وارتجاجك فستسمعه حكمًا حين تَعَرُّق الدمِ الباردَ من ندوبك لحظة تغلغل الوجع”، (العمر حطّاب الأماني) عندما نقطع السطور بمنشار فكرنا نسمع ابتهال عصفورة إلى فأسٍ لأنّ عشّها في شجرة فأمانيها متعلّقة على حطّابٍ أصبح ثوبه رتقًا فوق رتق. (تحت رماد الأرض!) هل يذوب إحساسنا في جمالات الحياة كما يتغلغل الرماد في تراب الأرض ليولد الجمال؟

(الغدُ وزيت الغبطة) إذا مسحت غدك بالميرون متجاهلًا الماضي (حين تتعرّى الروح) في (حفلة التفاهة) تصل منهكًا إلى (شيخوخة الأعاصير) لأنك تكون قد مررت في لعبة الظلال وحَجَبتْ تراكمات البصر عن الرُّوح العارية إلى حين خلخلة المقاييس، أيضًا تكون قد حضرت حفلة نفْح الحياة في لعبة الطين وتعِبت من العودة عبر الزمن إلى سفر التكوين. (أن تكون حرَّا) يعني أن تصغي إلى صوت الطفل فيك الذي يلعب ببهجة من دون تقديرٍ للعواقب، لتكبر على الحرّية وتنشد (الحُبَّ نشيد التَّكوين) على أنغام رقصة درويشٍ بين يديّْ الكون لتخرج من حالة الوعي ودوران المحبوبين على دروب البهاء متلافيين (رهائن العدد) وعدّ التآليل ليصبحا كالثلج الذي يبقى أبيض الطلَّة. (خضَّة الروح ودهاليز الذات) خبطة الوعي واختلال المعايير والدساتير التي تبني الأوطان في ذهول التلاطم أمام (القلب المعتَّق بالضجر).

بقلب باردٍ ونزفٍ لألوان الذاكرة، دخلنا البيت العتيق لنجد (السكينة) التي تحوي “سجود العقل في هياكل الضمائر” ولأنّ “في العدم انتصار العبث” نصل (الكمال الموهوم) لنجد الوهم يُحشى في رصاصات “تُخَزَّن في ذاكرة شعب ووطن” وُجب علينا أن (ننسى لنحيا)، كي نعيش (ثقافة الأولويات) في سماء “اقتُلعت من جذورها الأديان” فنكتنف (خرائب الوجود) لنتعلم “الرقص على إيقاع أنشودة الوجع” قبل (مشاوير التِّيه) عبر خريف العمر. أما (الجنون وأجنحة الفرح) عندما تسلبك الغرور والحقد والحسد يدخل (الحزن إقامة غير موقّتة) في عروق التّمني ولأنه لم يلبسنا جلد التمساح كان (الشكر… لغة كونيَّة). يكون (التعلّق… إمتلاء كياني) عندما نعشق الموت على رجاءٍ لا نعرفه، حينها نشرب من ينابيع روت حقول العقل فتصبح (الأرض حكاية حبّ وحرّية) كي لا نتباها بميداليات (بطولة العبث)، (كيمياء المودّة) تُحوّل (ماء العتب) إلى وردة في صورة تسأل هل أن (الاعتذار… دهاء أم محبة)؟ فتدخل (أزمة الثقة وثقافة الشك) لتتأكّد أن (الوفاء ثقافة النبلاء)، الصفعة في صميم الضمير تجعلنا نقول (أُحبّ من الحياة) “الناس البسطاء الذين يبتعدون عن فنّ الدلع” فالكاتبة تحب “المتطرفين في إيمانهم وليس في طقوسهم” لذلك وُجب علينا أن نبحث عن (ترف البدائل) “أمّا المماطلة فارتماء في أحضان الأبدية المؤجّلة”.

تمنح الشمس ضوءها لأوراق الشجر إلى أن يحين موعد الإثمار إنه (هيكل العادة) فالثمر هبة الرب السنوية للشجر والبشر. إذا قرأتم هذه المطالعة المتواضعة لا تكونوا (مزاجيّون) فأنكم (مقامات الصداقة) التي تمحي (لوثة الغباء) لأننا جميعًا في فضاء الأثير عبر (الطوباوية الإلكترونية).

كتاب استمع إلى بوح الريح للقصب في أودية ومجاهل الجمال فأصبحت الكلمات نوتة عُزفت بواسطة ناي ذو صوت حنون أطرب القارئين.

ملاحظة: إنّ جميع الجمل الوادة بين هلالين () هي عناوين لمقاطع الكتاب.

***

 

(*) موقع مون ليبان

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *