نعم… التسوية قَدَر

Views: 640

خليل الخوري 

لأن السياسة «فن الممكن»، كانت التسويات. والتسوية في العلوم السياسية هي التوصّل إلى نتيجة «البَين-بَين»، وبالتالي ستكون أطرافها كلها في مُراوحة بين الربح والخسارة.

سِقنا ما تقدّم لنستنتج أن التسوية الشجاعة التي طرحها الرئيس سعد الحريري لم توقعه في الخسارة ولم توقع الثنائي الشيعي في الربح. والعكس صحيح. طبعاً، هذا إذا مضت في سبيلها توصّلاً إلى تشكيل حكومة على القواعد التي رسمها الحريري في بيانه.

الواضح، إلى ذلك، أننا لا نشاطر سعد الحريري في أن ما أقدم عليه هو إنتحار سياسي. لا شك في أنها خطوةٌ كبيرة، ومحاذيرها ليست بسيطة، وما يترتب عليها كبيرٌ أيضاً. ولكن في ظروف لبنان الدقيقة والحرجة، بالغة الخطورة، فإن هكذا خطوة جريئة تقتضي التفافاً من القاعدة. فالعمل في سبيل وقف ما يمكن وقفه من الانهيار يستوجب التقدير والإشادة.

سيّان أكان رؤساء الحكومة السابقون الآخرون (ثلاثي السنيورة-ميقاتي-سلام) يُعارضون فعلاً خطوة الحريري إلى حد التبرؤ منها، أو لم يكونوا كذلك، فإن أياً منهم لا يسعه تقديم البديل عمّا أقدم عليه زميلهم الرابع، الذي لولاه لذهبت مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون هباءً، وبالتالي لكان لبنان الذي هو في واحدةٍ من أخطر أزماته، قد بلغ مأزقاً لا يصعب التكهّن بخطورته إلى حد المجهول-المعلوم: السقوط الذي لا قيامة بعده.

في المقابل، فإن الوقت لا يسمح للثنائي الشيعي أو لسواه بأن يتوقّف طويلاً عند عبارة «لمرة واحدة» التي وردت في بيان الحريري. فالأولوية الآن للإنقاذ، وليست للمضي في الممحاكات والمماطلة، وكأننا نملك هذا الترف الذي ليس له من مردود سوى تسريع الإنهيار الشامل.

الأمل ألا يطول الأخذ والرد قبل التوصّل إلى تشكيل الحكومة… وهذا ما قرأناه في ما نُقل عن الرئيس نبيه بري الذي قِيل إنه يتوقّع التأليف في وقتٍ قريب.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *