قصة قصيرة… إلى صديقي المتقاعد

Views: 669

خليل خيي

 (المغرب)

أربعون سنة من الاخلاص في العمل .. منذ أن تعرفت عليه كزميل لا أعرف عنه سوى أنه كان أول من يلتحق بعمله وآخر من يغادره ..

طيب القلب .. زاهد في حياته .. لا يذخن ولا يتعاطى المحرمات .. زاهد حتى فيما يفرغه  من نعم في بطنه الهزيل .. حتى مع القلم الذي يكتب به حيث يستهلكه إلى آخر نقطة منه !! حتى مع الأوراق التي يستعملها في إدارة الدولة حيث لا يترك حيزا فيها إلا ويستغله !! زاهد حتى في أبسط الأشياء ؛ في لباسه ، في كلامه ، وفي علاقاته ؛ ليس لديه صديق !

اخيرا يشارك زهده مع زوجة من البلد في أواخر العقد الرابع من حياته !

 العمل، المنزل ثم  المسجد؛ معادلة الثالوت الخاص بالانسان المنضبط، الملتزم، والمستقيم إذا صح القول .. فحتى المقهى لا يعرف طقوس الولوج إليها.. أفنى حياته في حب عمله ولا شيء غير عمله!!

وفي ذلك اليوم يجمع ممتلكاته البسيطة ويغادر مكتبه في صمت وخفي حنين.. وبخطى ثقيلة يمشي بجانب الحائط الذي اعتاد على المرور بجانبه آلاف المرات ليغادر المبنى بدون عودة ، وكأنه لم يكن!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *