“بيروت تصرخ” بريشة باسمة عطوي

Views: 638

محمد خليل السباعي

أطلقت الفنانة والرسامة التشكيلية، باسمة عطوي، لوحتها الفنية تحت عنوان: “إنفجار المرفأ.. وبيروت تصرخ”، التي نفذتها في مرسمها الخاص في بيروت، وأطلقتها بحضور عدد من الأهل والأصدقاء والأقارب والمحبين، الذين أثنوا على لوحتها الفنية التعبيرية، والتي تجسّد في أشكالها وأجزائها، صوراً عن مدينة بيروت، وعن الإنفجار المدمّر الذي تضررت فيه “ست الدنيا”، في الرابع من آب الماضي.

وفي هذا السياق، تحدثت الفنانة عطوي، إلى “موقع Aleph Lam” فقالت: “لطالما كان الفنان مكوّنًا طبيعيًا وعضويًا، من أجل المجتمع الذي يعيش فيه، لذلك ما من عمل عظيم في الأدب والفن، إلا كان نابعاً من نبض الزمان والمكان، الذي يعيشه الفنان والرسام، لذلك لست كباسمة عطوي استثناء، فكنت كما غيري متفاعلة ومتأزمة بالحزن والصدمة النفسية، التي ألحقت ضرراً بجهازي العصبي، فمن خلال النبض الفني والريشة والألوان التي استعملتها، كانت لوحتي محاولة للصراخ، من خلال اللون على القماش، ولقول لا كبيرة بوجه كل من يصنع مأساتنا، وبوجه آلية الفساد المستشري، في وزارات وإدارات وأجهزة الدولة، والتي أدت إلى هذا الانفجار الكبير، الذي وقع في بيروت، في 4 آب الماضي وأدى إلى تلف أعصابنا جميعاً، ولو بنسب متفاوتة”.

 لوحة “إنفجار المرفأ.. وبيروت تصرخ”

 

وأضافت عطوي: “في ظل بؤرة الأزمة الإقتصادية والمعيشية والنفسية والمالية والاجتماعية، الصعبة والمتردية جداً، وعلى خط التوتر العالي، ضمن حركة التاريخ والحاضر والمستقبل، طالما نهضت بيروت بعيداً عن الشعارات الرنانة، إنما كان يعوضها أمر وجودي ووجوبي، لذلك بيروت نهضت وستنهض مجدداً لأنها محملة بالذاكرة والعمق وتراكم التجربة، من الممكن أن تغمض عينها قليلاً، إنها نامت فجأةً، أو ذهبت في غيبوبة مؤقتة، لنتفاجأ بعد ذلك بنهوضها متجددة، متصدية لكل ما تتعرض له، وكما قال الشاعر عصام العبدالله: ما في مدينة اسمها بيروت/ بيروت عنقود الضيع”، وتبقى بيروت كتلك الأنهار التي تصب في البحر، وشعراء عديدون كتبوا قصائد عنها، ومنهم: محمد علي شمس الدين، شوقي بزيع، عباس بيضون، جودت فخر الدين، وحمزة عبود وشعراء الخيام الثلاثة: محمد وحسن وعصام العبدالله وغيرهم، فكانت المدينة الغاوية لهم، والأشبه بالكنز الذي تمتد إليه الأيدي، وترسم من أجله الخرائط، وكانت بيروت قبلة هؤلاء الشعراء، لصنع مدنية مستعصية تكبر بتجاور المتشابهين، وأكثر من تشابه المختلفين، وهو الشرط الأساسي لصنع مدينة عريقة مثلها، وعليه نقول تبقى بيروت ذلك العنقود الجميل، لذلك مستحيل أن يكون لبنان من شماله إلى جنوبه، إلا ليكون نبض قلبها الحيّ، الذي جعل لبنان وشعبه يعيش برفاهية وازدهار وفن وثقافة، ولذلك الفنان والإنسان يساهمان مع الحجر والبشر، بتكوين الهوية البيروتية، ومستحيل أن ينتهي دور هذه المدينة العريقة”.

وتابعت عطوي: “أنا كفنانة إذاً سأقول لعائلات الشهداء والجرحى، أكون قد وضعت مسافة بيني وبينهم، لأننا عملياً نحن جزء من هذا الألم وشظايا الأزمة، التي طالت الجميع من دون إستثناء، لذلك نحن كلنا في عزاء واحد، وكلنا متكتلين بدمعة واحدة، ولو حتى ليست تعبيراً عن الآخر، بل هي عن الذات، لأننا جسد واحد، إذا أصيب جزء منه، تآلمت معه باقي الأجزاء، ونحن مكونات لجسد واحد، تضرر جزء منه أكثر من الآخر، لذلك يعود الجزء الآخر، للمساعدة ويحمي المتضرر”.

وختمت عطوي: “أما لوحتي التي حملت إسم إنفجار المرفأ.. وبيروت تصرخ” فهي مجرد لوحة كلاسيكية بالمعنى الكلامي، لكنها لوحة تعبيرية بالمعنى الأدق،  ولوحة حرة قائمة بذاتها، لا تتبع أي مدرسة فنية في الرسم، والآن في عصرنا الحالي، بتنا أحراراً وأصبحت لوحتنا كذلك، ونستطيع أن نرسم دون أن نتقيد بأي مدرسة فنية معينة، فما يخطر ببال الفنان الرسام، يسكبه على القماش من مواضيع متنوعة ومختلفة، إلى ألوان زاهرة، ولوحتي تمثل الأسلوب التجريدي التعبيري الحر، وأنا أرسم فكرتي، وأعبّر عنها على قماشتي وألواني، بأسلوبٍ خاص طالما أحببته واعتمدته، منذ إنطلاقتي وبداياتي الفنية، فكان التعبير عن أفكاري بطريقة خاصة وجديدة، وإن كانت من أكريليك وباستيل وقماش ولون، إنما هي  كتلة من لحم ودم وخيال، وهي تسعى أن تكون حية، أنما هي حياة تُصنع بالمعنى الفني، وطالما كان الفن هو المتنفس الوحيد للواقع، الذي في داخله سدود وجدران وإفخاخ، أما المخيلة فلا فضاء يحدها، ولا مسافات ولا مساحات في العالم”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *