عبدالله غانم… الشاعر العندليب

Views: 2096

وفيق غريزي

 

بسكنتا تلك البلدة اللبنانية الرابضة في احضان جبل صنين، بكل حللها الجميلة الساحرة، وهي من اكثر البلدات عطاء، سواء بمياهها واشجارها المثمرة ام بمواهب ابنائها المميزة، فهي التي اعطت لبنان والعالم: ناسك الشخروب ميخايل نعيمة، وعميد الاسرة الغانمية عبدالله غانم وابنائه: الشاعر جورج والشاعر الفيلسوف روبير والاديب القاضي الدكتور غالب والاديب المحامي رفيق… 

محطات عمر

ولد عبدالله غانم في بسكنتا عام ١٨٩٥. والده جرجس عبدالله غانم، الذي طبع شخصية الشاعر ومؤلفاته بطابعه الخاص. ووالدته كاملة حنكش من بسكنتا ايضا، وهو الابن البكر للابوين اللذين انجبا اربعة ذكور وانثى.

 عاش شاعرنا على غرار اهل الريف، طفولة طبعتها السكينة، والبهاء والكفاف، والهواجس والاحلام. تلقى علومه الابتدايية والمتوسطة في مدارس بلدته، ودروسه الثانوية في قرنة شهوان، وانكب لاحقا على التحصيل الذاتي في حقل اللغات والعلوم الانسانية، فتضلع في العربية، واتقن الفرنسية، والم بعدد من اللغات الاخرى. 

امضى الشاعر عبدالله غانم الشطر الاكبر من حياته في تعليم اللغة والادب العربيين، فلقب بـ “المعلم”.

 تعاطى العمل الصحافي واصدر جريدة “صنين” بين عامي ١٩٢٩ و١٩٣١، وهي شهرية عام ١٩٣٧…

 نتاجه الشعري بين الفصحى والعامية

وازن عبدالله غانم بين دعوته الى الكتابة باللغة العامية ودعوته الى تعزيز العربية الفصحى “فالكتابة الاولى برأيه تلوين، اما الكتابة الثانية فأصل، ولم يمنعه هذا التصور من ان يكون رائدا في الشعر العامي. واذا صح اعتباره من ابناء التراث في اللغة الفصحى، فهو من ابناء الغد في العامية”.

 نتاجه متنوع بين الشعر الفصيح والشعر العامي اللبناني، والنثر، والقصة، والمسرحية، والميثولوجيا، كما كتب نقدا ادبيا ومقالات شتى، ولم ينشر في حياته الا بعض موءلفاته.

 اول اصداراته مسرحية نثرية عام ١٩٣٠ ظهرت فيها مقتطفات قليلة من الشعر الفصيح، تحت عنوان “شيطان البرج”، وفي عام ١٩٣٨ صدر له كتاب “الاجيال”، يستعرض فيه بشكل عابر تاريخ بعض الشعوب. وفي عام ١٩٣٩، صدر له ديوان “العندليب”، وهو نصوص شعرية بالعامية، وهذا الديوان يعتبر في طليعة الشعر العامي اللبناني، لا بالمعنى الزمني، بل بالمعنى الفني الشعري، وقد اجمع النقاد في لبنان والمهجر، على ريادته، لانه نقل القصيدة العامية من حقل الزجل الى حقل الشعر على الاطلاق.

 وعام ١٩٤٦ صدر له كتاب “جبل النساك”، وهو قصة استلهم فيها اجواء القرية اللبنانية، وبث فيها جانبا من مواقفه التأملية في الحياة والموت. وعام ١٩٥٥ صدرت له مجموعة اقاصيص ضاربة في افاق اللون المحلي، وبعد وفاته صدر له عام ١٩٦٥ “فوق الضباب” هو قصيدة عمارة تقع في تسعة اناشيد، كل نشيد عشر رباعيات. خصه الدكتور جبور عبد النور في كتابه بالفرنسية المعنون “دراسة في الشعر العامي اللبناني” باهتمام وفير، وكتب حوله ابنه القاضي الدكتور غالب غانم اطروحة دكتوراه بعنوان “شعر عبدالله غانم.

قررت الدولة اللبنانية وضع اسمه في دار الكتب الوطنية في بيروت…

 افتخر بانتسابه الى لبنان فقال: “لنا جواهر عريقة الحسب فلنحتفظ بها ولندن ما اغترب فنبلغ الارب يا ايها العرب “. 

وفي عشقه للبنان وطبيعته قال: “انا من لبنان من جار السماء من بحور الشعر من وزن الغناء”.

 توفي في٣١ تموز في مسقط راسه بسكنتا، ودعه ميخايل نعيمة بالقول: “هون اشلحيني هون فوق التل قلبي ملزق هون ما بيفل”…

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *