رحل ليبقى

Views: 288

 خليل الخوري 

 غيّب الموت، يوم الأربعاء الماضي، رجل البحرين القوي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الحكومة الذي كان له الدور الفعّال والمباشر في ترسيخ قواعد وأسس هذه المملكة، منذ نعومة أظفاره، إلى جانب والده الشيخ سلمان وشقيقه الحاكم السابق الشيخ عيسى، وحتى موعد رحيله إلى جانب إبن شقيقه الملك الحالي حمد بن عيسى.

لقد بقي الأمير خليفة رجل القرار والحسم حتى أبعده المرض فغلبه (وهو الذي لم يُغلب) بعد عمرٍ مديد قضاه في خدمة وطنه وأمّته باندفاعٍ وعزمٍ وحماسة.

عرفتُ الراحل الكبير عن قرب عندما تولّيت إصدار جريدة «البلاد» البحرينية في المنامة بإشراف نجله نائب رئيس مجلس الوزراء الأخ الصديق الشيخ علي بن خليفة المشهود له بدماثة الأخلاق والذي يتطلّع دائماً إلى النهضة والحداثة.

كان المغفور له الأمير خليفة يدعوني إلى مجلسه، وقد حضرته أحياناً، فأجلس قربه وكثيراً ما كان يُضطر إلى الوقوف طويلاً مستقبلاً الوفود من مختلف أنحاء المملكة ليُشاركهم قضاياهم، وفي كل وقت كان الحوار متبادلاً على بساطٍ أحمدي.

لم أره يوماً إلا وهو يهجس بالبحرين وبمصلحتها. صحيح أنه كان رجل القرار والحسم، ولكنه أيضاً ودائماً رجل الوئام والوفاق ووحدة البحرين الوطنية. وذلك كان هاجسه الأول.

حظي الراحل الكبير بتقدير واحترام مختلف البلدان العربية وخصوصاً بلدان الخليج العربية. وكانت كلمته مسموعة في المملكة العربية السعودية وسواها. وعندما تدعو الحاجة، لم يكن يتردد في القيام بمسعى الخير لتنقية القلوب، والإسهام في حل الإشكالات في دول المنطقة، ما أمكنه إلى ذلك سبيلاً… إلى أن أقعده المرض العضال قبل أشهر.

كان الأمير خليفة يتحدّث بحكمة الشيوخ ويتصرّف بعزيمة الشباب. وله اليد الطولى في الكثير من المشاريع التنموية والنهضوية التي شهدتها البحرين.

كثيراً ما استمعت إليه يُعرب عن إعجابه بالوحدة الوطنية في لبنان، ويضرب بها مثالاً على قاعدة أن الخلافات مهما اشتدت والصراعات مهما تأزمت «يعود إخواننا اللبنانيون إلى أفياء وحدتهم» كما كان يُردد.

رحل الأمير خليفة ليبقى حاضراً في إنجازاته ووطنيّته وعروبته.

رحم الله الفقيد الكبير وأسكنه فسيح جنانه، وللأخ الصديق العزيز نجله الشيخ علي والبحرين والأمة جمعاء أحر العزاء.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *