“لما بدا يتثنى” الموشح الأندلسي الخالد… أي سر لنجاحه المستدام

Views: 2305

سليمان بختي

    “لما بدا يتثنى” هذا الموشح الاندلسي الخالد حمل لغته وشجنه وعذوبته وطار في العالم. وتسمية الموشح في الاصل تعود الى تشبيهه بوشاح الحسناء المزخرف والمضفور والمتنوع الالوان والاشكال، ولعله كذلك. هذه الموشحات ظهرت في القرن الثالث واحتلت مكانة مرموقة في فنون الشعر وتاريخه.

    تنسب كلمات هذا الموشح الى الشاعر الاندلسي لسان الدين ابن الخطيب(1313-1374). وله موشح مشهورهو “جادك الغيث”. وله كتاب بعنوان “الاحاطة في اخبار غرناطة”. اما اللحن فينسب الى الملحن والمطرب المصري محمد عبد الرحيم المسلوب (1793- 1928). عاش 135 عاما .

محمد عبد الرحيم المسلوب

 

وصل الينا هذا الموشح من زمن رهف وانتشر كالعبير وغدا على لسان كل من يحب ان يترنم ويستطرب ويردد تلك العبارات الجميلة: “لما بدا يتثنى”، “حبي جماله فتنا”، امر ما بلحظة اسرنا”، “غض لنا حين مال”، “وعدي ويا حيرتي”،”من لي رحيم شكوتي”،” في الحب من لوعتي”، “الا مليك الجمال”. 

وكانت حياة المسلوب  حافلة بالفن والموسيقى والغناء ودرس في الازهر في القاهرة وتتلمذ على يديه عدد من الموسيقيين المصريين ذوي الشأن مثل عبده الحامولي ومحمد عثمان والشيخ الشلشموني. ويعتبر الرائد الاول للنهضة الموسيقية، واول من بدأ في تطوير الاغنية العربية الحديثة. واول من أطلق عليه لقب موسيقار، وله اغنية جميلة بعنوان”اه يا حلو يا مسليني”.  ولكن في العام 1910  اعاد تلحين هذا الموشح وتوزيعه على مقام النهوند الشيخ سيد الصفتي (1875-1939) في مصر واطلقه في حياة وحلة جديدة. و عرف عن الصفتي تسجيله للعديد من الموشحات. وثمة من ينسب اللحن، ومنهم الدكتور سعدالله اغا القلعة الى الموسيقي والمعماري المصري ابو بكر خيرت (1910-1963). كما ينسب اللحن ايضا الى سليم المصري الذي منحه تلك الرؤية السمفونية.

سيد الصفتي

 

    حقق هذا الموشح شهرة في الكلمات واللحن والغناء والرقص والعزف الموسيقي الفيلهارموني. وقد غناه من لبنان والعالم العربي اصوات كثيرة نذكر منهم: فيروز ونور الهدى وماري جبران وصباح فخري ومحي الدين بعيون ومحمد خيري والشيخ امام ولينا شماميان وغادة شبير ومايك ماسي وميريام فارس ومريم طوقان ونبيلة معن وكريستيان كرم ورحيم الحاج ورشيد غلام وسامي يوسف وتاليا. ومن الاجانب  ستيفان غالان وخوان ماريني وغيرهم. وعزفته الفرق العالمية ومنها الاوركسترا الفيلهارمونية في فرنسا واسبانيا والنمسا.

 

ما سر هذا الموشح؟ هل سره في الكلمات ام في اللحن الجميل ام في الاصوات ام من شروقه من بلاد الاندلس حيث الجمال يحنو على الحسن؟ ام لان الملحن استعمل الايقاعات الشرقية على قدر الميل وبمعايير لحنية دقيقة. حتى كأن النغم يتثتى مع القصيدة.

نور الهدى

 

برأيي السر في الكلام على ما يقول الموسيقار محمد عبد الوهاب حين يبدأ في  قراءة الكلام قبل التلحين. ام في ذلك المقطع الذي يصعد فيه اللحن دراميا بين علو و حنو:

وعدي ويا حيرتي

وعدي ويا حيرتي

من لي رحيم شكوتي

في الحب من لوعتي

الا مليك الجمال

  يصل المعشوق الى وعده ولوعته على جناح الحيرة، ويعرف ان من يشكو اليه هو مليك الجمال، وهو على ما يقول المتنبي الخصم والحكم.

صباح فخري

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *