نحو عالمٍ جديد

Views: 261

خليل الخوري  

بدأ علماء الإجتماع والإقتصاد يتطارحون، في ما بينهم، مسألة ما إذا كان العالم سيتغيّر بعد جائحة كورونا. ولعلّه من المبكر حسم هذا الجدال المنطلق من أنّ العالم بعد الحروب الكونية لا يبقى كما كان قبلها. ولأن فيروس Covid-19 هو حرب كونية صحية فلا بدّ من أن يعقبه التغيير.

أصحاب هذا الرأي يستذكرون ما جرى بعد «الطاعون الأسود» الذي ضرب البشرية في العام 1334 إنطلاقاً أيضاً من الصين وأطاح ثلث سكان أوروبا وراوح عدد ضحاياه في العالم بين 20 و50 مليون إنسان، وأعقبه تغيّر جذري في الإقتصاد العالمي الذي تحوّل إنتاجه من البدائية اليدوية إلى تكنولوجيا ذلك العصر التي سخّرت موارد الطبيعة في تطوير الإقتصاد كالفحم الحجري والحديد. وكانت ثورة صناعيّة قلبت المفاهيم.

في نيسان الماضي، ولم تكن جائحة كورونا قد بلغَت مداها، حذّرت السيدة كريستالينا غورغييفا رئيسة المجلس التنفيذي المديرة العامة لصندوق النقد الدولي من أنّ كورونا تتسبب بأزمة من شأنها أن تحوّل النمو العالمي بشكل سلبي. وطبيعي أنّ هذا التحوّل ستكون له مفاهيمه ونتائجه ومترتّباته.

فريقٌ من الخبراء يتّجه إلى الإعتقاد بأنّ أهمّ ما سيسفر عنه المنحى الجديد هو العملة الإلكترونية الرقمية (الإفتراضية) التي أبرز ما فيها أنه لا يمكن لأي حكومة أو مؤسسة أن تسيطر عليها. وهذا يعني، مباشرةً، أنّ الولايات المتحدة الأميركية ستفقد هيمنتها على الإقتصاد العالمي القائمة على إمساكها بالدولار ومسار حركته في العالم، والقدرة على التحكّم به واستخدامه مالياً وإقتصادياً وسياسياً بالطبع. ولعلّنا، نحن اللبنانيين، الأكثر معرفةً بهذا الواقع.

ولنعد إلى أرض الواقع في وطننا، لنؤكد على أنّ لبنان قد يكون بين أكثر البلدان تأثراً بتداعيات ما بعد حرب كورونا الصحية. أسميناها تداعيات ولم نُسمّها نتائج، لأنها في تقديرنا سلبية إلى أقصى الحدود. وفي اليقين أنّ زمن البحبوحة والإزدهار ولّى إلى غير رجعة، والقدرة على الـ”luxe” ستُقتصَر على قلّة قليلة من الشعب. فقد انتهت أيام الأزياء و»ماركاتها»، وسائر ما كان يواكب ذلك الرخاء. وأصلاً، كنا في طريقنا إلى هنا، أما اليوم فالآتي أعظم بعد تدهور شعبنا نحو هاوية العوز والفقر و… الإعاشة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *