الرحيل في زمن كورونا

Views: 282

خليل الخوري 

سبحان الله كم تغيّرت هذه الدنيا، وكم نأى شط المجتمع عن ذراع الغريق في بحر فيروس كورونا، هذه الوافدة التي حلّت ضيفاً (أثقل الضيوف) على البشرية جمعاء والبلدان قاطبةً. ونحن منها.

لم يكن بدٌ، أمس، من أن ألبّي الواجب الاجتماعي والإنساني مُشاركاً في مراسم صلاة الجنازة على نفس المرحومة السيدة كلود يوسف العكاري، التي فارقت هذه الدنيا بعد معاناةٍ طويلة. فإذا فيروس كوفيد-19 بدّل كل شيء. نجل الفقيدة، وحيدها الصديق العزيز الدكتور داني كراوزي، نعى المرحومة والدته إلى الأهل والاصدقاء مُسجلاً رقم هاتفٍ خاصاً لتقبّل التعازي دفعاً للتحرّج والتعرّض إلى العدوى.

العلاقة الأخوية الإنسانية العميقة التي جمعتني بالفقيدة الفاضلة وأسرتها لم تكن تأذن لي أن أتخلّف عن هذا الواجب، فأدّيته مدفوعاً بمشاعر صداقة طويلة بين الأسرتَين. فإذا كل شيءٍ تغيّر.

بدايةً، لا لقاء في صالون الكنيسة والرعية. كنا في كنيسة مار يوحنا المعمدان – الأشرفية. فتدابير وزارة الصحة التي التزمتها الكنيسة تحول دون فتح الصالات العامة في المناسبات، تأكيداً على التباعد الاجتماعي، فكان أن انتظرنا في الباحة الخارجية ومتباعدين. ثم كان تقبّل التعازي داخل الكنيسة مع التشديد من مسؤوليها على عدم المصافحة باليد والاكتفاء بالإشارة. حتى كلمة الرثاء التي ألقاها خادم الرعية كانت مقتضبة. كل شيءٍ كان وجيزاً، على قاعدة: ما استطعتم إلى المغادرة سريعاً.

لقد فعلت كورونا فعلها السلبي في مناحي الحياة كلّها، خصوصاً في السلوك الاجتماعي، وبالذات في بلدنا لبنان، وقد عُرف شعبنا باللياقات والمشاركة الاجتماعية الجميلة. ولست أدري ما إذا كنا، بعد انتهاء مفعول الجائحة، سنواصل الخروج على تلك العادات والتقاليد الأليفة والنبيلة.

أما أنت يا كلود، أيتها السيدة المثقفة، اللبقة، الاجتماعية، فأتضرّع إلى الله عز وجل أن يتقبّلك في أخداره السماوية، أنت من زرعت البسمة والطمأنينة في النفوس والقلوب.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *