إميل إده والأزمة الاقتصادية

Views: 649

خليل الخوري

في 24 تشرين الأول من العام 1924 سُجلت بداية أزمة اقتصادية ومالية عالمية كبيرة وخانقة بسبب انهيار البورصة في نيويورك ما أدى الى إفلاس دول عديدة، وطاولت الأزمة لبنان في عهد رئاسة  (الأرثوذكسي) شارل دباس وحكومة (الماروني) إميل إده الذي خلف الشيخ بشارة خليل الخوري في السراي. ولجأ إميل إده الى سلسلة اقتراحات  إصلاحية – تقشفية لمواجهة الأزمة محاولاً  إبعاد تداعياتها الهائلة عن لبنان، وكان الرئيس دباس أصدر قبل 12 يوماً مرسوماً بقبول استقالة الخوري  و«تعيين» إده رئيساً للوزراء (المرسوم رقم 5741). وضمت الوزارة نجيب أبو صوان وزيراً للعدلية والمعارف العامة، وحسين الأحدب للأشغال العامة، والسيد أحمد الحسيني للزراعة وعُيّن المحامي جبرائيل منسّى وكيل وزارة للشؤون الاقتصادية في وزارة المالية.

وأستعيدُ اليوم، هذا الحدث بينما لبنان (المستقل) يواجه أزمة اقتصادية – مالية هي أيضاً خانقة… وللاعتبار بما اتخذه إده من تدابير في عهد الانتداب.

وتلك التدابير تضمنها البيان الوزاري الذي أعده إميل اده طالباً ثقة المجلس النيابي بموجبه. وأود أن أعلن أن المعلومات في هذه المقالة مأخوذة، بما فيها نصوص من الكتاب – المجلّد القيّم جداً بعنوان «إميل إده… قدّة الجمهورية اللبنانية». وقد توفّـرتُ  على صفحاته الــ664 فإذا بي أمام دراسة فريدة بقيمتها وشموليتها… وذهب بي الظن الى أن المؤلف الأستاذ الدكتور جرجي أبي يونس رجل تقدم به العمر أولاً من باب الكمّ الهائل من المعلومات التي ضمنها هذه الدراسة بالغة الأهمية، وثانياً كون البحث للحصول على هذه المعلومات والإحاطة الشاملة بشخصية محورية مهمة كالرئيس المرحوم إميل إده يستغرق وقتاً طويلاً. وقد كانت المفاجأة (الفرحة بالطبع) أن المؤلف شاب و…. أمامه مدى واسع للمزيد.

وأعود الى إميل إده الذي اقترح سلسلة إصلاحاتٍ اقتصادية فاستخرج، عبر وزارة المالية، لائحة بجميع موظفي الدولة المدنيين فكان عديدهم 3121، وأن وراء توظيف هذا العدد الكبير (آنذاك) سياسة الزلفى والمحسوبية، فقرر الاستغناء عن 400 موظف «من أجل سلامة الجسم كله».

وقسم إده الوطن الى خمس  محافظات بدلاً من الإحدى عشرة القائمة فاستعاض بذلك عن 36 مديرية (…) وحسّن وضع القضاة: «إذا أردنا أن نعرف مستوى القضاء العام وجب علينا قبل كل شيء إعطاء قضاتنا رواتب لائقة» وقلّص عدد المحاكم، لان أعمال المحاكم كانت محدودة لندرة الحوادث والارتكابات والدعاوى. و «نقّح» قاعدة وضع الضرائب وطريقة الجباية. وقرر مضاعفة  المبلغ لصيانة وتحسين الــ2000 كلم من طرقنا.

وعمد الى تخفيض وتجميع المدارس الرسمية في كل منطقة وهذا لا يضرّ بالتعليم بل يزيده «قيمة وشأناً» وقال بتنشيط مدرسة الفنون والصنائع في بيروت. وقرر استثمار أراضينا الغنية والاهتمام بزيادة السلفات الزراعية… مع تخصيص  «جانب كبير» من المال الذي ينجم عن الاقتصاد لأعمال الري (سهول بعلبك والبقاع وسهول السواحل وسهول عكار).

وتناول البيان الوزاري أيضاً (ضمن المشروع الإصلاحي ومواجهة الأزمة) تحسين التجارة والصناعة والسياحة والاصطياف و «تجميل مدينة بيروت» وإنشاء  «وكالة وزارة» للعناية بشؤون المهاجرين «بصورة خاصة». و»يفوض الى الحكومة لمدة (8 أشهر) أن تُـجري بمقتضى مرسوم في مجلس الوزراء، «كلّ إلغاء أو إدغام في الوظائف والمعاهد والدوائر (…)».

سقى الله ذلك الزمان. وسلمت يمناك يا دكتور ألكسندر جرجي أبي يونس.

(توفي الرئيس إميل اده في مثل هذا اليوم 27 ايلول 1949)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *