السياسيّون والشعر

Views: 372

جوزف أبي ضاهر

 

جلس سياسيّ في الصفوف الأماميّة، ثم طلع علينا من شاشة صغيرة، مهاجمًا أخصام «موقفٍ» يقف فيه متأهبًا، راصدًا ومرصودًا.

قال بالحرف، متهكّمًا في وصف زميل له (خصم):

­ «كلامه كلام شعر لا قيمة له» (!).

هو ليس السياسيّ الوحيد الآتي من الجهل، ليتفوّه بمثل ما تفوّه به. غيره سبقه، وقال قولته في اتهام الشعر بأن لا قيمة له عند هؤلاء الذين لا نعرف، إلى الآن، ما قيمتهم، إذا قيست بغير مالٍ مرذولٍ، وسلطة هي من المهابة براء.

­ «الشعر لا قيمة له؟».

كفّوا عن سماع وانشاد النشيد الوطني الذي تستظلّون ترابه.

النشيد من الشعر جوهره.

كفّوا عن سماع وترديد التراتيل والصلوات والأناشيد التي تمجّد الخالق.

هي من الشعر قلبه والعقل.

كفّوا عن تعليم أولادكم قصائد: الأخطل الصغير، أمين نخله، الياس أبو شبكه، سعيد عقل وبولس سلامه وجميع الذين كَبِرَ لبنانُ بهم وبأمثالهم، وفاخر، وما ذُكر اسم سياسيٍّ إلى جانب أسمائهم.

كفّوا عن سماع وترديد أغنيات: وديع الصافي، صباح وفيروز، ايلي شويري، ملحم بركات وزكي ناصيف وغيرهم الكثير من صنّاع الفرح…

الأغنيات هي أيضًا قصائد أعلام – رموز في الهوية الثقافيّة للبنان الحضارة: ميشال طراد، عبدالله غانم، الرحابنة، جوزف حرب، أسعد سابا وأسعد السبعلي، رشيد نخله وغيرهم ممّن تعلّمنا الحبّ والبطولات في شعرهم، لا لنسمع مذلات السياسة والسياسيّين وسقطاتهم التي أوصلت البلاد إلى الارتهان للحقد والتعصب والخنوع.

الشعر لا قيمة له؟

بلى. «كلّ» القيمة له عند أصحاب العقول، لا عند أصحاب الحظوظ.

[email protected]

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *