قديمٌ وبامتياز

Views: 471

خليل الخوري  

صديقٌ غالٍ اتصل سائلاً: لماذا تكتب، في هذه الأيام، مُبتعداً عن السجالات الدائرة في البلد؟

أجبت: لقد اخترت هذا المنحى قصداً وعمداً. فهذه التي تُسميها «سجالات»، هي حروبٌ بالقلم والورقة، وعبر الشاشات وأثير الفضاء، لأنني أرى فيها تمهيداً لحرب البندقية والمدفع.

ليست حرباً مُقنّعة. إنها حربٌ مكشوفة. قلةٌ من الذين يخوضونها يتحلّون بشرف النزال. والغالبية أكثر ما يصحّ فيها أنها لا تستحقّ شرف المواجهة.

ثمة من ليسوا من هذه الحال المبنية على الحقد، المُنطلقة من البغضاء، المرتكزة على المصالح الآنيّة على حساب وطنٍ يستحق الوفاء والحب.

ولا أكشف سراً إذ أُعلن أن الكثيرين من الذين يقودون هذه المواجهات في الداخل والخارج اتصلوا ويتّصلون راغبين مشاركتي، فكنت وما زلت أعتذر، فهذا لا ينطبق على اقتناعي ولا يتوافق مع تطلّعي وفهمي للحوار.

ربما أنا «دقٌ قديم». وقد يكون هذا صحيحاً، فهذه «تهمةٌ لا أنكرها وشرفٌ لا أدّعيه».

فإذا كان القديم يعني التزاماً بالمبادئ والقيم وحمل سلم التهدئة بالعرض وتقريب وجهات النظر، وعدم صبّ الزيت على النار، فأنا قديمٌ وبامتياز. وإذا كان القديم يعني أن تكتُب، وفي ذهنك لبنان الذي عرفناه، وهل ثمة إمكان للعودة إليه كما عُشناه، فأنا قديمٌ وبامتياز.

وإذا كان القديم عدم اللغو في الدماء، فأنا قديمٌ وبامتياز.

وإذا كان القديم عدم الرهان على الخارج، أياً يكن هذا الخارج، فأنا قديمٌ وبامتياز.

وإذا كان القديم الشهادة الدائمة لذاك اللبنان الذي أسقطوه، فأنا قديمٌ وبامتياز.

هل جاءك الجواب أيها الصديق العزيز.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *