والجريمة جائحة

Views: 718

خليل الخوري 

أنا واحدٌ من عشرات الملايين، حول العالم، الذين يُتابعون قناة  ID (Investigation Discovery) ذات الإنتشار الواسع في مختلف أنحاء المعمورة، المتخصصة حصرياً بالتحقيقات في جرائم القتل التي حدثت في الولايات المتحدة الأميركية عموماً وفي كندا وبريطانيا وأوستراليا وفرنسا وسواها… وليس في تلك التحقيقات أي شيء من الخيال إلا ما يقتضيه العمل الفني والتقني مع المحافظة على الوقائع الحقيقية للجريمة منذ ما قبل وقوعها إلى المسار الذي تتخذه التحقيقات حتى إصدار الأحكام بعد كشف أسرار الحدث كاملةً.

بعض تلك الجرائم تقشعرّ له الأبدان. وكان غالب الظن أنها «ماركة أميركية مسجّلة»، لأنها تتكشّف عن تعطّش مرعب للدم وعن إستسهال سفكه بشكل مخيف. خصوصاً أن الكثير منها يحصل بدم بارد وبأسباب ليست بالأسباب، كأن يكون القاتل قد انزعج من صديق أو صديقة أو اعترض على إتّصال هاتفي إلخ…

واللافت، عموماً، أنّ الجرائم أكثر ما تقع بين الأقرباء والأصدقاء ورفاق المدارس والجامعات، كما أنّ هناك قسماً منها يُنفّذه مراهقون، وسواه يتولّاه متزوّجون وآخر بين المطلّقين وطليقاتهم، وبعضه داخل الأسرة الواحدة كالذي يصرع أباه وأمه من أجل حفنة من الدولارات…

وكان الإعتقاد لديّ بأنّ مجتمعنا اللبناني مُحصَّن إزاء هكذا جرائم لأسباب عديدة أبرزها أننا لا نزال نُعطي الروابط العائلية مكانها وأهميّتها. إلا أنّ ما بدأنا نسمع به في الآونة الأخيرة يتكشّف عن أنّ «أمراض» الآخرين أخذت تجتاحنا ليس فقط بالنسبة إلى فيروس كورونا، بل أيضاً تلك التي تتعلّق بالتفكك الأسري، والسعي إلى الحصول على المال بأي وسيلة…

وفي الأسابيع والأيام الماضية سُجّلَت عندنا أحداث مروّعة مثل الأم التي حطّمت رأس طفلها إبن السبعة أشهر، والوالد الذي تواطأ مع زوجته الثانية على قتل إبنته من طليقته وهي طفلة، وإستدراج البعض بإدعاء عرض سلعة معينة عليه تمهيداً لسلبه فقتله، والأشقاء الذين يختلفون على إرثٍ ما فيتبادلون إطلاق النار ليسقط بينهم قتلى وجرحى، والخلاف على تجارة المخدرات بما ينتهي بإراقة الدماء.

لا ندّعي، في هذه العجالة، أنّ مجتمعنا مُصاب بهذا المرض العضال إصابة بليغة، فقد سبق أن وقعت عندنا جرائم مماثلة ولكنها كانت تُقتَصر على جريمة أو إثنتين أو ثلاث في السنة، أما في المرحلة الأخيرة، فالحبل فالتٌ على غارِبه، والدماء تسيل بغزارة غير مسبوقة.

فهل نُهذي إذ نُطالب بعدم انتشار السلاح الفردي بين الناس؟!.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *