أكتظّ بالذّكريات

Views: 753

د. غادة السمروط

 

 أتوكّأُ على قلمٍ، أجتازُ سلسلةَ الذّكريات، أجمعُ باقاتِ زهرٍ ذبُلَتْ، وأتوقّفُ في حدائقَ يبسَتْ، لا حرثَ يُخصبُها ولا ماء. لا شيءَ أقدرُ على فعلِه كي تعودَ شمسُ الماضي إلى داري.

 هناك في أعلى الأمسِ، قمرٌ يتأمّلُ. وفي أسفلِ الحاضرِ صخورُ أيّامٍ تُنصُتُ.

     وأنا في محرابِ الصّمتِ أجولُ، حولي أشجارٌ تتماوجُ، ترقدُ ظلالُها حيث يُمطرُ الضّوء، وحيث تحترقُ الآهات. البحرُ يغفو في أرجوحتِه،والسّماءُ تنبتُ فيها سحاباتٌ تحلمُ. ويروحُ الوقتُ في تردّدٍ أمام حرَمِ الصّمت.

     يلوذُ نظري بنافذةٍ تفتحُ على الأمل، أرنو إلى صباحاتٍ شمسيّةٍ توقظُ ما رسا عند بابي، تحملُ عليلًا يجوبُ رئتيَّ، يستديرُ فيه الماضي ويأخذُ طريقَ العودة.

     وأراني أشربُ من كأسٍ جَرَحهُ الزّمنُ، أخشى أن ينفدَ ماؤه. وأرى الألوانَ، وقد بهُتَ بريقُها، تدخلُ في بعضها. ولم يعُدْ بوحُها يفي بالكلماتِ الّتي أنتظر.

     كيف أكتبُ ما أشعرُ به، وما أخشاه؟ رحتُ أهجّئُ بصوتٍ عالٍ كلماتٍ حملَتْها نسائمُ عابرة، فارتجّ الصّمت فيَّ، ولم أفهمْ شيئًا. لكنّي رأيتُها من رمالٍ تتوقُ إلى الأفق وإلى بساطِ الحياة.

    إلّا أنّني في نهاية التّجوال، أدركـتُ أنني أكتظّ بالذّكرياتِ، هي لا تأتي لترويَ سعادةً عبرَتْ، بل لتوقظَ حسرةً غفَتْ، تأتي لتهمسَ فيّ الماضي عند هبوبِ الحنين، ولتلوِّن الورقة بألوانِ قلقٍ يسيلُ أمامي على جدارِ الأيّام، فتسيلُ دموع !!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *