أسبوع المرفع

Views: 798

 يوسف طراد

آه !… من يعيدني إلى الزمن الذي أبصرنا فيه النور؟

هل من يذكر (التِني) ذَكَرَ الماعز في سنته الثانية يُعلف لأسبوع المرفع. كل ذلك الدلال والعلف الخاص من الشعير المغربل وأوراق السنديان التي تحضر بغصونها المقطوعة بالمنجل، جعلت من ذاك التني كشاة بشار بن برد، يعقبها فعل سكين مسنون جيدًا على (المستحَدّ) يلمع نصلها مهددًا بنهاية مأساوية بعد غنج الصغار وسخاء الكبار.

السبت مساءً قبل أحد الذبيحة لم ينم صغار المنزل، كانت آذانهم تصغي من تحت اللحاف إلى أحاديث مع تبريرات وملحقات واجتهادات لتنفيذها في الغد.

قول الجد أن الله سلّطنا على جميع المخلوقات، لم يبرر للصغار اليقظين ذبح ساعورٍ غنجوه شهورا؛ ويعود إلى أذهانهم درس التعليم الديني من أستاذ الأدب العربي (كشاة سيقت الى الذبح).

مائية للفنّان قزحيا بطيش

 

كلام الأب عن النار التي تدفئ الجلد واللحم الذي يدفئ العظام، يعدهم بوجبات لسنة كاملة في يوم واحد، وهل كانت أجسادهم سوى جلدٍ وعظمٍ؟

بعد قداس الأحد جاء الجزار فانفرجت أسارير الكبار واغتم الصغار.

عُلق الساعور من عرقوبه، وكرّت أسئلة من أفواه صغيرة سال لعابها على اللحم: (عمي أبو جورج أيش هيدا وهيدي؟) فشرع يشرح لهم وكأنك في حصّة علم التشريح في جامعة للطب، عن كل عضلة وكل جزء ودوره على المائدة: الشهباية، الفتيلة، الضلع، الكتق، دقن اللحام، اللازقة، المعلاق، قصبة السودا، الفشة، الطحال، الفخذ، الغمة، (أم سبع طبايق)، الكراعين، القوادم، العصعوص، الرأس والتعضيمة.

“يا أم شربل جيبي المواعين”. معلنًا عن انتهاء عمل الجزار وابتداء تعريب اللحم، كل نوعٍ ليومٍ من أسبوع المرفع والنصيب الأوفر (لخميس السكارى)

 رددت الوديان، صدى العناق المتقطّع العنيف، لمدقات السنديان في الأجران الحجرية، وشكواها لندرة اللقاء، وكأنه إيقاع موسيقى “الراب” البوهيمية.

في صغرنا، كنا نتذّوق اللحم مرتين في السنة في أفضل الأحوال، أسبوع المرفع وأواخر تشرين عند صنع (القاورما)، وكانت شهيتنا له كبيرة، أما اليوم، فتحولت شهيتنا (للمعكرون والرشتة والمخلوطة) لكثرة أكلنا للحم الذي لا مذاق له ولا رائحة ذكية تفتح الشهية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *