كوكب الحب

Views: 489

د. جوزاف ياغي الجميل

 

*مهداة إلى الشاعر الحاضر دائما، نسيم سركيس العلم

 

كوكب تاني

مبارح لما غمرتيني

بأنفاسك شعلتيني

يمكن ما ساعتنا الارض

كوكب تاني نقلتيني

يا روح لما بعدك روح

داوي هالقلب المجروح

انساكي؟ لا مش مسموح

انت بقلبي و عينيي!

ليكي شو عملتي ليكي

قلبي داب بأيديكي

قميصك عم يتحرقص

الهيئة ضجران عليكي

عودي لقلبي عودي

ونامي على جمر زنودي

ضيعتك ولقيتك هون

              نسيم العلم

 

كوكب تاني.. كلمات أغنية للشاعر نسيم العلم. إنه الكوكب المقصود، أبحرت نحوه سفينة العلم.

كوكب الحب هو. وأي حب أنقى وأرقى من  عطفة ذراعيها، وسحر العينين.

أنت وأنا محور القصيدة.

أنت المرأة الساحرة، سيدة الخيمياء، القادرة بلمسة أن تحول الحجر الأصم إلى حياة، والطين إلى عبق من عبير.

ذراعاها حولتاه من طين إلى نار. إنها الولادة الثانية، بل عودة إلى الولادة الأولى، في السماء.

التحوّل الأول كان تحوّلا بالقوة، هيوليّ الصفات. وقد أصبح اليوم تحوّلا بالفعل.

أمس، حصلت المفاجأة الأولى، أصبح جسدا ناريًّا، عندما لمسته الحبيبة.

واليوم، أصبح الشاعر العلم روحًا نورانية، عندما لمسه الحب.

قلبه المجروح بالشوق وجد بلسمه والعزاء.

كيف ينساها؟

لا. لن ينسى جنّته الأولى التي طرد منها في خلقه الأول.

وها هو اليوم يعود إليها محمّلا بالنقاء، توّاقا إلى اللقاء، في عناق لا ينتهي.

بحثه المطلق عن الحب رحلة سندبادية حطّت رحالها وترحالها، في الكوكب الجديد.

عاد أوديسيوس إلى بينيلوبي، والتأم الشمل من جديد.

قلبه ذاب بين يديها. والذوبان حلولية صوفية بامتياز.

قلبه ذاب في لقاء أخير، فتحقّق الحلم المشتهى، والكلام انتهى.

ولكن لا.. لم يمت  النسيم. تحوّل إلى ريح عاصفة، في المقلب الآخر، من الحياة.

خيمياء الحب حوّلته إلى نارٖ محبة متأججة في الصدر والضمير.

عزاؤه اليوم أنه وجدها هنا/هناك. وبين المكانين أروع لقاء.

“ضيعتك ولقيتك هون”

نعم عثر على روحه/ ذاته الكبرى، في سمائه الجديدة.

سماؤه الجديدة ليست امرأة. إنها القصيدة، تسكن في كوكب أوسع من الأرض.

نسيم العلم، أيها الشاعر المسكون بالشعر والحب والرجاء، اليوم تمّت النبوءة. رأت عيناك الخلاص. حملته، بل حملك بين ذراعيه، فقلت أهلا للرحيل.

رحلت.. نعم، أيها الساكن في أعماق الأغنية/ الفداء.

لم تكن الأرض موطنك، منذ البداية. كانت المنفى. وأنت اليوم، في موطنك السعيد.

أديت قسطك للعلى، فنم هانئا، بين ذراعي حبيبتك، ميناء الخلاص، ومرفأ الأمان.

شاطئك اليوم وصلته، بعد جهاد طويل.

معمودية النار عبرتها، ووصلت إلى مصبّك الأخير، حيث السلام والوئام، وحيث النار المتأجّجة في القلب الهارب من جليد الوجود.

أيها الشاعر العلم، هنيئا لك كوكبك الأول، بين ذراعي الحب. نم قرير العين هناك. غطاؤك النور القدسي، بل قوافي النسيم.

لم تسع الأرض أحلامك، عشقك، طموحك، فعدت إلى ديار أبيك. ولسان حالك يقول:

“برمت العالم طول وعرض/عبّي غناني بجيابي/

لما ما ساعتني الأرض/سلّمت الأرض تيابي/

كوكب الله عامل عرض/لا تبكوني بغيابي”…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *