حدود اللفتات……

Views: 14

د. جان توما

 

جدّدت الزميلة مارلين سعادة ، على صفحتها الفايسبوك، سؤالا : ” كيف بتكون وسع الغابة …حدود اللفتة”؟ انطلاقا من كلمات أغنية ” حبيتك والشوق إنقال” للأخوين الرحباني خاصة في قولهما:

“حبّيتك وسع الغابات

اللي حدودا حدود اللفتات

وسع الغيم بصبحيات

يرحل خلف تلال تلال”.

أوّلًا: سخّر الرحابنة الكلّ لخدمة الجزء. ” حبيتك” لوحدك ، لفرادتك، لهويتك، في مواجهة الغابات واللفتات والصبحيات والتلال التلال. ما  هذا الحبيب الذي إذا حضر، ما عادت عناصر الطبيعة ساحرة أو ناضرة؟!. تمّحي الوجوه والأشكال، ويصير عطر الحبيب إكسير الديمومة، وقارورة الطيب الفوّاحة.

ثانيا: هذه ” اللفتات” الرحبانية هي تلك اللحظة ما بين اليقظة والحلم، ما بين بؤبؤ حياة وشهقة موات، ما بين القبلة والقبلة، ما بين رجعة قلب ونبض شريان.

ثالثا: هذه ” اللفتات” ليست فقط في الأبجديّة والكلمات، بل في الفنون كلّها، كما في سحر التفاتة الموناليزا في الرسم، والتفاتة تماثيل  مايكل انجلو في النحت، والتفاتة تلك العاشقة الّتي قبيل وداع حبيبها، تعيد بالتفاتة ما كان، والتفاتة تلك التي تسمع من يناديها بصراخ لتلتفت، فتجد شاحنة تكاد تدهسها، فتجري أحداث حياتها، في عمق ذاكراتها، لحظة التفاتها كما في مشاهد السينما؛ الفنّ السابع.

من الواضح أنّ الالتفاتة عند الرحابنة ليست مجرد انحناءة رأس، أو حركة عصبيّة، بل هي ترجمة لعصور من الجمال، كلفتة العتب، والموعد، والشجن، والفراق، والجرح، وكما لفتة السماء لغيومها، ولفتة الوسعة الأبديّة حيث لا حدّ لظلّ ولا قياس له.

يتقن الرحبانيان كيفية توضيب اللفتات واختصارها في التفاتة إبداعيّة تعبّر عن المكنون الإنساني، حيث تبقى هذه اللفتات كمووايل الرحيل، حيث “بعدك يا هالطير بتجي وبتروح، ( وباللفتات) توعّي بقلبي الشوق وتزيدو”.

(thewodlife.com.au)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *