هموم لبنانية

خليل الخوري 

عقد مُراسل أجنبي اجتماعاً عبر نظام Zoom مع مجموعةٍ من اللبنانيين تحت عنوان عريض «ما هي أزمتُك؟» على أن يتحدّث كلٌ منهم في مشكلةٍ واحدة. هنا خلاصة.

1- قال الأول: أنا صاحب مؤسسة سياحية مشهورة دفعتني الأزمة الاقتصادية لأن أُقفلها كخيارٍ أخير بعد أن تراكمت الديون.

2- أنا كان مدخولي ثلاثة ملايين ليرة لبنانية، أي ما كان يُوازي ألفَين من الدولارات، وكنت قد استعنتُ بعاملة منزل بثلاث ماية دولار، ما كان يُوازي 450.000 ليرة، فأصبح مرتّبها الشهري يفوق مرتّبي، فاستغنيتُ عن خدماتها وبتُّ عاجزاً عن تسديد قسط السيارة.

3- أنا عدّتُ من أحد بلدان الخليج العربية وكنت قد ادّخرتُ، في لبنان، طوال سنوات عملي هناك وديعة في حدود نصف مليون دولار. ليس في استطاعتي أن أتصرّف بأي جزء منها إلا بقدر محدود جداً وعلى أساس 3,900 ليرة للدولار، أي نحو 35 دولاراً.

4- أنا عجزتُ عن تسديد الأقساط المدرسية لأبنائي الثلاثة.

5- أنا لم أعد أتمكّن من إرسال أي مبلغ إلى ولدي الذي يُتابع دراسته الجامعية في بلدٍ أوروبي. وهو في مأزقٍ كبير هناك وشبه مشرّد، بالرغم من قانون استُحدث ولا يُنفّذ.

6- أنا كنت موظّفاً بمرتّبٍ محدود في مؤسسة أعلنت إفلاسها، فصرتُ غير قادرٍ على تأمين حتى أدنى متطلّبات الحياة اليومية.

7- أنا كنت قد حدّدتُ موعداً لزواجي قبل أشهر وحجزتُ صالة الاحتفال ودفعتُ سلفاً «على الحساب» ثلث المبلغ بالليرة اللبنانية الذي كان يُوازي يومذاك عشرة آلاف دولار. اليوم لا أستطيع استرداد المبلغ إلا بسعر الدولار حالياً، أي بما بات يُوازي نحو 1,400 دولار فقط لا غير.

8- أنا صاحب مستحقّات مع إدارةٍ رسمية كانت قيمتها نحو مليون دولار، ولم تأتٍ الموافقة على صرفها سوى في هذه الأيام، وباتت لا تشتري سيارة بينما كانت تشتري شقةً فخمة.

9 و10 و11… أنا وأنا وأنا (…).

واستمرّ الحوار على هذا المنوال طويلاً ليتبيّن للمراسل أن الوضع الاقتصادي – المالي هو جوهر الأزمة الحالية في لبنان. وعندما طُلب من المشاركين أن يُبدوا آراءهم في كيفية التوصّل إلى حل، راوحت الأجوبة بين من حمّل النظام المسؤولية ومن حمّلها للسلطة، ومن قال إن الطاقم السياسي فاسد على قاعدة «كلّن يعني كلّن»، إلى من قال إن الحلّ بذهاب السلطة كلّها، إلى من طالب بحياد لبنان، إلخ…

ولكن لا بد، قبل ذلك وبعده، من تشكيل حكومة كمدخلٍ لأي بوادر حلّ.