حذارِ الفراغ

Views: 97

خليل الخوري 

أسبوعان حاسمان مُقبلان على لبنان في مختلف الصعدان، بدءاً بصعيد تأليف الحكومة الجديدة. فثمّة موعدٌ لا يقبل تأخيراً وهو الأول من شهر أيلول المقبل، ليس فقط لأنه ذكرى دخول لبنان المئوية الثانية من إعلانه كبيراً بإجماعٍ وطني وتحت رعاية فرنسية، إنما خصوصاً لأنه الموعد الذي ضربَه الرئيس إيمانويل ماكرون للمسؤولين لإنجاز بضعة إجراءات وتدابير من شأنها أن تشكّل مدخلاً إلى إصلاح حقيقي كان القوم في السلطة قد وعدوا بتنفيذها والبعض خارج السلطة، وبالذات في المعارضة، كان قد تعهّد عدم عرقلة التنفيذ.

وحدثت إستقالة الحكومة. وما من عاقل واحد يمكنه أن يتخيّل أنّ أهل السلطة يملكون ذريعة، واحدة، لعدم تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي إستقبال الضيف النشِط في مساعدة لبنان بأعذار عن التلكؤ لن يقبلها، ولن يعطي أحداً براءة ذمّة في شأنها.

صحيح أن ماكرون يأتينا من تراثٍ ديموقراطي قد يكون أحد أعرق الأنظمة الديموقراطية في العالم، منذ أن أطاحت الثورة الفرنسية الملكيّة المطلقة وأقامت على أنقاضها نظاماً عموده الفقري الحرية والمساواة والأخوة. هذا صحيح، ولكنّ الرجل ليس ممن يفرضون رأيهم على الدول الأخرى، حتى ولو كانت، من أسفٍ، مثل دولتنا التعِسة. ولكنّ هذه لا تملك ترف الإدعاء بأن الظروف لم تسمح، حتى مجيء الرجل، بتشكيل الحكومة.

فأيّ ظرف أكبر وأخطر وأكثر ضرورة لسدّ الفراغ في السلطة التنفيذية من هذا الظرف الذي يجتازه لبنان؟ وهل الوطن الذي يبدو كأنه يسير حافياً على حدّ سيف مصقول، فيُدمى؟ وإذا سقطَ في هذا الجانب سقطَ على رمادٍ ونارٍ وكوارث، وإذا سقطً في الجانب الآخر سقطَ أيضاً على النار والرماد والكوارث. فهل من ظرفٍ أخطر من هذا؟

بالتأكيد يُفترض بالسلطة وحلفائها المبادرة السريعة إلى تسهيل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي قال، وكرّر القول، واستمرّ يقول بها ماكرون. مع الإستدراك أنّ نظرته إلى حكومة الوحدة الوطنية قد تكون مختلفةً في الشكل والمضمون عن نظرتنا إليها في لبنان. المهمّ أن تأتي هكذا حكومة بشبه إجماع وطني هو الآن أكثر من ضرورة ملحّة، إنّه واجبٌ تاريخي.

(blogs.20minutos.es)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *