إحدى أعز ذكرياتي مع أسطورة الفن صباح

Views: 969

نبيل غصن

كانت المطربة الكبيرةً الراحلة صباح من اغلى الاصدقاء واقربهم الى قلبي، خصوصي بالمرحله الاخيره من عمرها اللي حصرت فيها معظم نشاطاتها الفنية بوطنها الغالي لبنان.

وكانت الصبوحه انقطعت فترة طويله عن الظهور بأعمال مسرحيه بقالب قصه مكتمله غنيي باحداث مشوقه وبمشاركه ممثلين وراقصين، وبهالاثناء كانت ارتبطت مع الفنان فادي لبنان بزواج استمر عدة سنوات، وكنت انا على تواصل معها وكانت من باب المحبه والثقه تناديني دايماً بـ “المعلِّم”.

 

وفي احد الايام اتصلت الصبوحه فيي تليفونياً على مكتبي بالاذاعه وسألتني اذا كنت مشغول الليلي أم لا؟ ولما قلتلها لأ، قالتلي فإذن عمول حسابك تتعشى عندي الليلي ونتباحث بموضوع مهم حابي آخد رأيك فيه..

وطبعاً لبيت دعوتها الكريمي وكان موجود معنا زوجها فادي لبنان وبعض الاصدقاء المقربين، وبعد العشا قالتلي انا قررت ارجع طل عالمسرح بعمل فولكلوري ضخم يرضي جمهوري اللي مشتاقلي بعد غيبتي الطويلي عن هالنوع من الاعمال، وفادي كتبلي مسرحيه وحابي آخد رأيك فيها.

 

وتولى فادي قراءة المسرحيه اللي كاتبها، ومن بعد ما انتهى من القراءه، قالتلي الصبوحه:

 من بعد سماعك لقصة هالمسرحيي، حابي اسمع رأي “المعلم” فيها بكل صراحه وبدون مجاملي؟

قلتلها ما تعودت الا قول الحقيقه، ولا سيما بعمل فني بدك تطلي فيه عالناس بعد هالغيبه الطويله…

 

شكرت فادي على جهدو طبعاً، وقلتلو القصه حلوي ، لكن ما فيها شي جديد بيختلف عن الاعمال السابقه اللي طلت فيهن صباح بهاك الهاله العظيمي ببعلبك مع العملاقين الاخوين رحباني والمبدع روميو لحود. القصه هون شبيهه باللي قدموه، كأنو عم نعيد احداث قصصهم اللي طلّت فيها سابقاً صباح.

ساعتها قالتلو صباح لفادي : شفت؟ ما قلتلك مش شايفي حالي بجو جديد وشخصيه جديدي باللي كاتبو انت؟

وسألتني: شو بتقترح؟

قلتلها انا بقترح تطلي بشخصيه جديدي وغريبي ما تعّودوا الناس يشوفوكي فيها، متلاً شخصيه جايي من الفضاء او شيء غريب من هالقبيل، قالتلي صباح : يسلم ذوقك يا “معلم”، انا كنت عم قول لازم طّل بشخصيه جديدي بعد غيبتي الطويلي عن الناس…

 

وتركتها بهاك الليله وقلتلها خلينا كلنا نفكر كيف نبلور هالفكره ونطورها، ومنرجع نجتمع، والحِّت عليي الصبوحه انو ما طوّل بالجواب، ووعدتها خير..

وبيصدف بعد يومين يزورني بمكتبي، الصديق الكاتب الكبير فارس يواكيم قادماً من المانيا المقيم فيها، وسألتو وقتها اذا كان عندو رغبه يكتب عمل مسرحي للصبوحه؟؟

رحب جداً بالطبع وحطيتو بالجو اللي حاصل، وانو فكرتي نجعل صباح تطل بشخصيه من الفضا مثلاً او شي من هالقبيل، عجبتو فكرتي لفارس، وبنفس اللحظه اتصلت بصباح وقلتلها: شفتي يا صديقتي، ما طوّلتْ بالجواب عليكي، والفكره اللي طرحتها وعجبتك رح يشتغل عليها صديقي وصديقك فارس يواكيم.

 

قالتلي : ويننا نحنا ووين فارس، نحنا بلبنان وفارس بالمانيا

قلتلها كل المستحيل بيسهل لما الأمر بيتعلق بصباح، تفضلي احكي مع فارس..

وطارت من الفرحه، وبنفس الليله عملنا اول جلسه ببيتها وناقشنا الفكره، وبعد عدة جلسات ومناقشات ظهرت فكرة مسرحية “الاسطورة” اللي قدمتها صباح عالمسرح واحرزت نجاح منقطع النظير، وبقيت عدة اشهر تتقدم والناس معبيين المسرح كل ليله، والتصفيق لصباح وللمسرحيه متواصل،وكانت مسرحية “الاسطورة” فعلاً اسطورة المسرحيات اللي خلّدتْ صباح مع غيرها من الاعمال العظيمه اللي كللت مسيرتها الفنيه الحافله بالنجاحات اللي ما بتنعد.!!

رحم الله الكبيره صباح اللي كانت مالئة الدنيا بحضورها الفني، وشاغلة الناس باناقتها وطلاتها الخالدة بذاكرتنا وذاكرة التاريخ اللبناني.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *