التزويـــر المشـرعــــن!

Views: 342

رشـا بركــات (رايتـش)

 

مسافر زاده الخيال…

مع كلمات غناها ولحنها الموسيقار الراحل العربي المصري الكبير، محمد عبد الوهاب، ذهبت بخيالي لأحلم أنني لست في عالم النفي ولست خارجة عن أي نصَ. لأحاول أن أشعر أنني ألمس تراب وطني بيديّ التي لطالما حملت القلم وكتبت له، لهذا البلد الأمين الجريح المحتل، منذ الطفولة الأولى…منذ أن كان عمري خمس سنوات! كتبتك يا فلسطين على كل ما أملك وكنت أنت جوارحي، كل الجوارح…

فمع خيالي المتأرجح المبتور هذا، أنا هنا، هي المسافرة لأن الإحتلال أجبرني على النفي…لاحق جدي وجعلني أنا الحفيدة دون هوية، غارقة في…خيالي.

الإحتلال أجبرني على أن أكون كالورقة التي تتطاير مع كل نسمة هواء، بل جعلني أعشق شراء الحقائب وأتابع “موضتها” لأنني بحاجة لها…فكما قال شاعرنا محمود درويش، “وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافر…” بل أنا يا محمودنا تعبت من السفر ومللت من شراء الحقائب! أتفهمني؟ أتشعر بموتي البطيء واختناقي الصامت؟

فالإحتلال سرق مني كل شيء، سرق هوائي وبحري، سرق إنسانيتي وراح يزور بتسميات كل مدن وقرى وحارات وأحياء فلسطين…زوّر التاريخ وغيّر معالم الطرق وبدّل التسميات!

من قال أن التزوير يجوز؟ من شرعن لهذا اللص القاتل كل تزويراته؟ أينك يا قانون؟ أينك يا عدالة؟!

فمثلاً، المكان الذي كان اسمه الشيخ مونس في مدينتي يافا، أصبح “جزءاً من تل أبيب” وطبعاً اختفت التسمية الحقيقية. أما منطقة صوفين في قلقيلية صارت مستوطنة/مغتصبة تسمى “تسوفيم”. منطقة صوبا في القدس غيّر اسمها الى “بلمونت”، وطيرة حيفا صار اسمها “ها حوتريم”، الظاهرية في الخليل صارت مستوطنة/مغتصبة “زوهر”، أما ظهرة الحميمة وظهرة المزرعة قأصبحت تسميتهما “نهاريا”، والطيرة في الرملة أسماها الإحتلال ب”طيرات يهودا”….ووووو كل شيء تم تزويره وكل تلك التزويرات تمت شرعنتها!

فهل أنا الخارجة عن النص أو القوانين هي العجيبة والخارجة عنه؟! وما بين خيالي وسفري وحقيبتي وموسيقاي وقلمي وورقتي وووو…الأمر الواقعي هو أنّ…التزوير أصبح مشرعن!

وأنا، عدت الآن، لأكمل سماع أغنيتي، مسافر زاده الخيال…وعدت لأحلم وأتخيّل…وغرقت بنومي بعدها…

12/ 03/ 2001

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *