“مُمكن”

Views: 290

خليل الخوري

 

استُخدمت كلمة مُمكن، أمس، مرّاتٍ عديدة. نطق بها غير مُتحدّث بأسماء كُتل نيابية وشخصيات، ومرجعيات روحية وسياسية واقتصادية، موالية ومعارضة، بعضها مُقرّب من المعنيين بالتأليف وإصدار المراسيم.

قالوا: مُمكن أن نكون على طريق الإنفراج. والتشكيل بات مُمكناً. ومُمكن تأليفها بعد عطلة الفصح (يوم الأحد المُقبل).

فماذا عدا مما بدا حتى يُصبح التأليف مُمكناً؟ الجواب ليس واضحاً كلياً بعد، وإن كان «مُمكناً» أن ثمة كلمة سر عُممت على الأطراف، مُتناقضة المواقف مفادها: إذا لم تشكّلوها، فلتتحملوا المسؤولية.

يتوافق هذا كلّه مع معلوماتٍ متوافرة عن أن الطرف الأوروبي، تتقدّمه فرنسا، لم يعد قادراً على احتمال حكاية إبريق زيت الحكومة المنشودة. فما كان منه إلا أن سرّب معلومات عن «عقوبات عابرة البحار» تُفرض على أطرافٍ عدة وليس على طرفٍ واحد. والموقف الفرنسي الذي انطلق مبادرةً طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون بقي ثابتاً عليها، مُتمسّكاً بها، إلا أنه تطوّر من التحذير الذي أطلقه وزير الخارجية جان إيف لو دريان، وفيه أن لبنان «قد يختفي» من الوجود، أي يسقط نهائياً، إلى التأنيب الذي وجّهه رئيسه إلى القيادات والمسؤولين اللبنانيين الذين جمعهم في قصر الصنوبر ثم كرّره في مواقف لاحقة، إلى الكلام على التشاور مع الأميركي «لإنقاذ لبنان من مسؤوليه الكسالى وغير المُبالين» حتى التلويح بالعقوبات.

ثم يتوافق مع الحراك السريع في الإقليم باتّجاه حلٍّ ما للمسألة السورية، حاول كلّ طرفٍ لبناني أن يُفسّره في مصلحته، فاختلفوا على جِلد الدب قبل أن يصطادوه، وأيضاً الترتيبات التي تُـجرى لتحديد موعد لجولات المُحادثات حول النووي الإيراني والتي تبدو بعيدةً بسبب عراقيل جدّية لا تزال تعترضها أبرزها أن إيران تُطالب برفع العقوبات المفروضة عليها قبل المُحادثات. أما واشنطن، فترى العكس.

ومن ثمّ يتوافق مع مساعي القوى الكُبرى لترتيب وتأمين مصالحها في المنطقة بعد «تفاهم المحروقات» بين طهران وبيجينغ، والذي تسعى موسكو لأن تكون عضواً ثالثاً فاعلاً فيه. أما واشنطن، فتسعى إلى الرد عليه بالعمل على انتزاع سوريا من عُنق الزجاجة الروسية وترتيب الوضع اللبناني وفق المصالح الدولية المعنية.

في خضم هذا الحراك الكبير، هل يُدرك المعنيّون في لبنان أنهم ليسوا أكثر من أحجار شطرنج صغيرة في لعبة الأُمم الكبيرة؟ وهل أنهم أدركوا فعلاً، فبات المُستحيل «مُمكناً»؟

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *