آسيــة

Views: 7

 رشـا بركــات (رايتـش) – حكايات رشا

 

حكايتي اليوم عن إمرأة تقية ترمز إلى حب السلام الحقيقي.

هي آسية بنت خويلد زوجة فرعون مصر. بحسب ما تقوله الروايات الدينية المتعددة وكذلك ما أثبته القرآن الكريم، أن السيدة آسية كانت ضد كل ما انتهجه فرعون مصر من جبروت وظلم بحق عامة الشعب، فالتجأت إلى الله وعبدته عكس سلوكيات الفرعون تماماً التي كانت فائضة بالإستكبار وحب السلطة وووو….أراد نفسه إلهاً بينما قالت هي: رب إبني لي بيتاً عندك في الجنة. فصارت من الأربعة الطاهرات المبشرات برضى الرحمن كأمنا مريم والسيدة خديجة وفاطمة و…هي، آسية، عليهن السلام.

 

إنها آسية فكم من آسية في بلادنا وخاصة عندما يأتي محتل ظالم وإرهابي ينادي بالسلام في ظل اقترافه أشنع أنواع التعذيب والإجرام……..ماذا نقول؟ فهل فلسطين هي آسية؟ هل الإحتلال هو فرعون؟ هل التاريخ سيظل يعيد نفسه؟؟؟؟

سلام الله عليك يا آسية، سلام الله عليك يا فلسطين.

كما عودنا الإحتلال على نفاقه وأكاذيبه، لا زال يتفنن بتزويراته لا بل توسع الأمر أكثر فصار يعتمد لغة ال”إستغباء”. يستغبي بلاد العالم كافة بمجتمعاتها ويخاطب الجميع بلغة “المنقذ والمسالم والرب الأعلى” كما فعل فرعون تماماً!

الإحتلال لوطني فلسطين (التي هي جزء من منطقتنا الواحدة بلاد الشام)، يقتل ويأسر ويعذب الأطفال والنساء وكبار السن حتى ليس فقط الرجال والشباب من ناحية وينادي بالسلام من ناحية أخرى. يخترق أرض وجو لبنان وسوريا وغيرهم بطائرات حربية للضغط عليهم على عدة مستويات ويقوم بتصريحات أمام دول العالم أجمع أنه المحب، المصلح الذي يريد إحلال العدل والعدالة والمساواة وأن غصن زيتوننا وحمامة سلامنا نحن هو غصنه هو وحمامة السلام الذي يريده هو!

هل هذا الإحتلال ذكي أو نحن الأغبياء؟ هل هذا المجرم، صحيح النفس أو نحن المجرمين؟

هكذا يدس….ليربك مجتمعات قتلها الوهن والضعف بحكم الحروب وتراكمات الإرباك والإختراق…بينما المسألة واضحة.

الأفظع من هذا كله، أن الإحتلال قد بني وفقاً لمعادلة “أرض الميعاد”.

عن أي أرض ميعاد تتكلم بينما كنت قبل احتلال فلسطين واختيارها كمكان لبسط سيطرتك ال”فرعونية”  قد وضعت لائحة لدول أخرى أردت احتلالهم!

هل ننسى أو لا نقرأ التاريخ؟ هل نحن أمة عاجزة إلى هذا الحد؟ الحد القاتل!

رسائل هرتزل خير شاهد وخير دليل. ألم تكن الأرجنتين من ضمن البلدان التي أراد الإحتلال أخذها؟ ألم تكن أوغندا في اللائحة كذلك؟

فعن أي أرض ميعاد تتكلم يا سارق أرضي؟

حتى النصوص التوراتية لم تسلم منك…أضعت التوراة الذي هو أمانة في أعناقنا جميعاً، أضعت التوراة…. 

يا آسية، يا فلسطين، ماذا أقول؟ هل أقول أن من قمة ضعفنا أيضاً دخلنا في معمعة الجدل مع هذا المزور؟! يا سيدتي آسية، هل تعلمين أن كثر من “مثقفي” بلادنا يناقشون ويتداولون بفكرة “أرض الميعاد”!

تماما كما هو مفهوم إبرام اتفاقية مع محتل لا نعترف به وفي الوقت نفسه نعترف بوجوده! ما هذا الجنون؟

ما هذا العذاب؟

ليتوقف كل مجتمعنا عن الدخول عن قصد أو بغير قصد، عن غباء او عن استدراج، عن جهل أو عن وهن، بكل النقاشات حول تلك الفقاعة والغيمة الكبيرة التي رماها لنا هذا المحتل لكي نقع في فخه وفي مكره وفي فتنه….فلنخرج من هذه الغيمة.

بعد أن استقر القرار على احتلال فلسطين، تم العمل القوي والجهد الجبار ببث نظريات بعضها ديني وبعضها اجتماعي وسياسي وتاريخي مزور لكي يكون عمل هذا اللص المدعوم من الدول “العظمى” التي لديها أطماع في بلادنا، منسجماً وموحداً مع فكرة أخذه وسحبه أرضا من شعب…لأن الأمر ليس بسيطاً، بالطبع سيخترق الثقافة والدين لكي يبرر إجرامه. هذا أمر منطقي ومفروغ منه.

إضافة إلى ذلك كله، نجد في مجتمع هذا اللص القاتل، أشخاصاً تعلمت اختصاصات حساسة مثل التاريخ والآثار مثلاً، وبعد قيامها بأبحاث وتنقيبات أثرية وجغرافية ووو وجدت أن الخريطة التوراتية حتى، لا تمت للحقيقة بصلة. كل هذا مدون في الأرشيفات وفي صحيفة هرتزل وعن عالم آثار أيضا وأستاذ في كلية “تل أبيب” و غيره الكثير، لن أتطرق لأساميهم في حكايتي لليوم، وأترككم كقراء، تقرأون وتبحثون عن كل هذه الحقائق المأرشفة التي أكتب عنها. أنا بصراحة أطلب من مجتمعاتنا أن تعي تاريخها وتتفقه فيه لكي لا تكون عرضة للإضمحلال كما أصبحت اليوم…لكي لا تكون هزيلة أمام كل مزور ومخترق لها ولكينونتها…أنا أدعو إلى صحوى…إلى ثورة ثقافية بعد كل تلك الهشاشة التي أصبحنا نعيشها.

هل هذا ممكن؟

ماذا تفيد كثرة الجامعات في بلادنا إذا لم نستفد منها بالشكل الصحيح؟ لا يجب أن نتعلم لكي ننال وظيفة فقط! بناء إنسانيتنا هو الأهم، هو الأصل…هو بذاته بناء الأوطان.

يا آسية، لقد كثرت الفراعنة. لقد تكالبت علينا الأمم ودعمت هذا الأفاك اللعين…دعمت كاذب مرتزقة دنس كل شيء واستباح كل شيء حتى المقدسات وكتاب الله السماوي. (Phentermine) فمن هو اليهودي بحق؟ الإحتلال أو الذي يريد أن يحفظ حقيقة التوراة من التدنيس؟

من الموسوي بحق؟ الذي يهشم بوصايا سيدنا موسى عليه السلام أو الذي ينادي بتثبيتها على الأرض؟

وهل ننسى وصاياك يا كليم الله؟

هل ننسى العشر المقدسات؟ هل سنقتل ونسرق ونستكبر ونعربد ونزني ونكذب ونستبيح كل المحرمات بعد أن بدأت الوصايا تلك  ب “لا”؟

كلمة “لا” وحدها تكفي لتوقف هذا الإحتلال عن حده…لكني لا أعلم ماذا حل بالإنسانية ولماذا هي صماء وخرساء ومغيبة إلى هذا الحد….

حكايتي، وإن كان فيها كثير من نقد مجتمعاتنا، إلا أنها ليست فاقدة للأمل…سننتصر إن قررنا.

سلام الله عليك يا آسية، سلام الله عليك يا فلسطين.

04/ 04/ 2021

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *