“رامسي كلارك”… بين  حُرِيَّةِ الكَرامَةِ الإنْسانِيَّةِ ومَصْلَحَةِ السِّياسَةِ

Views: 318

الدكتور وجيه فانوس

(رئيس ندوة العمل الوطني)

 

(الكلمة التي شاركتُ بها في  الحفل التَّأبيني الدَّولي الذي نظَّمه “المركز العربي للتواصل والتضامن”؛ اليوم السبت 24 نيسان (أبريرل) 2031)

 

لَمْ يَكُن “وِيلْيَم رامْسي كْلارك”، المولودُ سنةِ 1927، والمتوفَّى سنة 2021، وهُوَ الأميركيِّ الذي شَغَلَ عِدَّةَ مَناصِبَ عُلْيا في وَزارَةِ العَدْلِ الأميركيَّةِ، في عَهْدِ كُلٍّ مِنَ الرَّئيسَيْنِ جُون كِينِيدي ولِيندُون جونْسُون؛ ومِنْ أبرزِها مَنْصِبُ “المُدَّعي العامَّ للولاياتِ المتَّحِدَةِ”، مِن سنةِ 1967 إلى سنةِ 1969؛ مُجَرَّدَ سِياسيٍّ آخرَ، يَتَوَلَّى مَهامَهُ في عَهْدِ أَحَدِ رُؤساءِ الجُمْهُورِيَّةِ الأميركيَّةِ، على الإطْلاقِ.

قَدْ يَكُونُ صَحِيحاً أنَّ كلارك، وُلِيَّ مَنْصِبَ المُدَّعِيَ العامَّ للولاياتِ المتَّحِدَةِ الأمِيرْكِيَّةِ، مِنْ قِبَلِ لِيندون جُونسون، رَئيسُ الدَّولةِ عَهْدئذٍ، لِدواعٍ سِياسيَّةٍ وربَّما استغلاليَّةٍ، ارْتآها جُونْسون، وخاصَّةً فِيما قدْ يَكونُ مُرْتَبِطاً بالتَّحْقِيقِ فِي اغْتِيالِ سَلَفِهِ الرَّئيسُ الأميركيُّ جُون كِنِيدي؛ بَيْدَ أَنَّ كلارك، ما كانَ مِنْهُ أنْ أَبِهَ، وَلَوْ قَيْدَ أُنْمُلَةٍ، لِما كانَ يَدورُ في حِساباتِ جونْسون، مِنْ خُطَطِ استِغلالٍ سِياسيٍّ وإداريٍّ لِتَعْيينِهِ؛ بِقَدْرِ ما مارَسَ، هُوَ، مَهامَهُ في مَنْصِبِ المُدَّعي العام الأميركي، أو وزير العدل، بمصطلحاتِ بلادِنا، بَعيداً عن أيِّةِ أُطرٍ سِياسيَّةٍ قد تنتظمها هذه الخُطَطُ.

انتشرَ ذِكْرُ رامسي كلارك، داعماً قويَّاً للحريَّاتِ والحقوقِ المدنيَّةِ، كما اشتُهِرَ بمعارضَتِهِ الشَّديدةِ لِعُقوبَةِ الإعدامِ، وتفانِيهِ في تَطبيقِ أَحكامِ مُكافحةِ الاحتِكار. إنَّهُ، بِكُلِّ جلاءٍ، المُؤْمِنُ العَمَلِيُّ بكرامَةِ الحُرِّيَّةِ، والسَّاعي، مِن ثمَّ، في مجالاتِ تَطبيقِ هذا الإيمانِ في شؤونِ العَيْشِ اليوميِّ ورِحابِهِ.

لمَّا كانت كرامَةُ الحُرِّيَّةِ لا تَرتضي لِوُجودِها السَّرِقَةَ، بِكُلِّ الوجُوهِ، وخاصَّةً تلكَ المالِيَّةُ، ولا يُمْكِنُ لها الاتِّكاءَ، تالِياً، على أساليبِ النَّهبِ الماليِّ، فإنَّ كلارك، ومِن بابِ مُمارستِهِ الإدارِيَّةِ، في إدارتِهِ لِقِسْمِ الأراضي، بوزارَةِ العَدْلِ الأميركِيَّةِ، بين سَنَتَي 1967 و1969، اهْتَمَّ بكلِّ جَهْدٍ تنظيميٍّ، لتحسينِ مستوى الكفاءةِ التَّشغيليَّةَ الإداريَّةَ لهذا القسم، فوفَّرَ، من ثمَّ، ما يكفي مِن المالِ العامِّ مِن ميزانيةِ وزارَتِهِ، إلى درجةٍ أنَّهُ طلبَ فيها مِنَ الكونغرس الأميركيِّ، خَفْضَ الميزانيَّةِ التي كانت محجوزةً لصالِحِ إدارتِهِ المباشِرةِ، بمقدارِ 200 ألف دولار أميركي سنويًا.

لَعِبَ كلارك، خلالَ السَّنواتِ التي أمضاها في وزارةِ العَدْلِ، فاعِلِيَّةً مُتَمَيِّزَةً في تاريخِ حركةِ الحقوقِ المدَنِيَّةِ؛ إذ مَسَحَ، سنة 1963، جميعَ المناطقِ التَّعليميَّةِ  في الجنوبِ  الأميركيِّ، إلغاءً منهُ للفصلِ العُنْصُرِيِّ الذي كان سائداً، عهدئذٍ؛ مُسْتَصْدِراً، في سبيلِ ذلكَ، أمراً مِنَ المَحْكَمَةِ؛ كما أَشْرَفَ، سنة 1965، على وَضْعِ الصِّياغَتَيْنِ التَّحضيريَّةِ والتَّنفيذِيَّةِ لإقرارِ قانونِ حقوقِ التَّصويتِ الانْتِخابِيِّ، وقانونِ الحقوقِ المدنيَّةِ لسنةِ 1968. وكانَ كلارك، خلالَ هذهِ الحقبةِ أيضًاً، وفي سنة 1963 تحديداً، مُديرًا لجمعيَّةِ القضاءِ الأميركيَّةِ، ثمَّ، أصبح، بين سنتي 1964 و1965، الرَّئيسَ الوَطَنِيَ (القومِي) لِنقابةِ المُحامينَ الفيدراليَّة.

لَمْ يَكْتَفِ رامسي كلارك، بِما قامَ بِهِ مِن جُهودٍ إدارِيَّةٍ وتنظيميَّةٍ وما عملَ على تحقيقهِ من إنجازاتٍ حقوقِيَّةٍ للشَّعبِ، إبَّان تَوَلِّيهِ مَنْصِبَ المُدَّعي العام الأميركي؛ فتابعَ مسيرتَهُ في سبيلِ القَضِيَّةِ والمفهومِ، اللَّذينِ نَذَرَ وجودَهُ لَهُما، قضيَّةُ حقِّ الانسانِ في الكرامةِ وأنَّ الحريَّةَ المسؤولةَ، ليست سِوى صُنْوَ الكرامَةِ الإنْسانِيَّةِ. لقد عملِ كلارك، بين سنتي 1969 و1972، في مجالِ تقديمِ دوراتٍ حقوقِيَّةٍ تأهيليَّةٍ في كليَّةِ الحقوقِ بجامعة هوارد، وكذلك، بين سنتي 1973 و1981، في كليَّةِ الحقوقِ في بروكلين؛ وإذ كانَ ناشطًاً في الحركةِ المُناهِضَةِ لِحَرْبِ فيتنام، فإنَّهُ زارَ فيتنام الشَّماليَّةَ في سنة 1972، احتجاجًا على قصفِ الحكومةِ الأميركيَّةِ لِهانوي.

لَمْ يَكُنْ الأمرُ لِيَقِفَ، مَع رامسي كلارك، عِنْدَ حدودِ النَّشاطِ ضمنَ إداراتِ الحكومةِ الأميركيَّةِ، أو حتَّى على أراضي هذه الدَّولة؛ بل إنَّ كلارك حَمَلَ إيمانَهُ بقضيَّةِ كرامةِ الإنسانِ وحريَّتِهِ، كَما آمَن بِها في بلادِهِ وسعى في سبيلِها، فصارَ يَنْشَطُ في سبيلِ تحقِيقِها على مُسْتَوى العالَمِ بِأَسْرِه.ِ

تَوَجَّهَ كلارك إلى طهران، في شهرِ حزيران (يونيه) سنة 1980، لِحضورِ مؤتمرٍ حَوْلَ التَّدخُّل الأميركيِّ في الشُّؤونِ الإيرانيَّةِ؛ وهناكَ طالَبَ الحكومةَ الإيرانيَّةَ، الإفراجَ عنِ الرَّهائنِ الأميركيين المُحتجزينَ، وقتذاكَ، مِن قِبَلِ الحَرَسِ الثَّوْرِيِّ الإيرانيِّ؛ كما انتقدَ، في الوَقْتِ عَيْنِهِ، الدَّعمَ الأميركيِّ السَّابق للشَّاهِ قَبْلَ قِيامِ الثَّورةِ الإيرانيَّة التي نجحَت في إقصائِهِ عنِ الحُكم.

قادَ كلارك، في شهر أيلول (سبتمبر) من سنةِ 1998، وفداً إلى السُّودان؛ لِجَمْعِ الأدِلَّةِ، في أعقابِ قَصْفِ الرَّئيسِ الأميركيِّ بيل كلينتون “مَصْنَعَ الشّفاء للأدوية” في الخرطوم؛ وعقدَ كلارك، فَوْرَ عَوْدَتِهِ مِن السُّودانِ إلى الولاياتِ المتَّحدةِ الأميركيَّةِ، مؤتمراً صحفيَّاً دَحَضَ فيهِ مزاعِمَ وزارةِ الخارجيَّةِ الأميركيَّةِ القائلَةِ بأنَّ المُنشأةَ المقصوفَةَ، مِنْ قِبَلِ الإدارةِ الأميركيَّةِ، كانَتْ تُنْتِجُ غازَ الأعصابِ. والجديرُ بالذِّكر، ههنا، أنَّ المسؤولين الأميركيين اعترفوا، لاحقًا، بأنَّ الأدلَّةَ التي تَمَّ الاستشهادُ بِها أساساً منطقيَّاً لتبريرِ قَصْفِهِم “مصنعَ الشِّفاء”، كانت أضعفَ مِمَّا كانَوا يَعتقدونَهُ عند قِيامهم بالقَصْفِ.

عارضَ كلارك، في سنة 1991، التَّدخُّل الأميركي في الشَّرقِ الأوسطِ، وخاصَّةً لجهةِ الحربِ والعقوباتِ التي قادتهما حكومةُ الولاياتِ المتَّحدة ضدَّ العراق؛ واتَّهم، كلارك، إدارةَ الرَّئيس جورج بوش الأب، بمساوئ هذا التَّدخُّلِ، وكانَ على رأسِ اتَّهامِهِ هذا ذِكْرُهُ، بالاسمِ الصَّريحِ، لِكُلٍّ مِن مسؤولي تلكَ الحكومةِ، دان كويل، وجيمس بيكر، وديك تشيني، وويليام ويبستر، وكولين باول، ونورمان شوارزكوف، وسواهم، مُتَّهِماً إيَّاهُم بارتِكابِ جرائم ضدَّ السَّلامِ وجرائمَ حربٍ وجرائمَ ضدَّ الإنسانية.

لَمْ يَقِفْ الأمرُ، مع رامسي كلارك، عندَ هذهِ البقعةِ مِن أرضِ الإنسانِ؛ إذ وجَّهَ سنة 1999، إِثْرَ قَصْفِ حِلْفِ النَّاتتو، جُمْهوريَّة يوغوسلافيا الفيدراليَّة، تُهَماً بالقتلِ والإبادةِ الجماعيَّةِ إلى حملاتِ هذا الحلفِ على تلك الأرضِ وشعوبِها. ومِن جهةٍ أخرى، فقد انضمَّ رامسي كلارك، في سنة 2004، إلى لجنةٍ مؤلَّفةٍ مِن زُهاء عشرين محاميَّاً، مِن العربِ وسُواهُم، للدّفاعِ عنِ الرَّئيسِ العراقيِّ صدَّام حُسين، الذي أطاحتَهُ قواتُ التَّحالفِ الأميركيِّ، التي كانت قد غَزَتِ العراقَ مِنْ قَبْل.

ولَئِنْ كانَ لرامسي كلارك أنْ يزهو بنجاحاتِهِ في سبيلِ إيمانِهِ بقضيَّةِ كرامةِ الإنسانِ وحريَّتِهِ، فَلَهُ أنْ يزهو، كذلكَ، ولكن هذهِ المرَّةَ بِفَشَلِهِ السِّياسيِّ، الذي ما حصلَ إلاَّ على حسابِ نجاحِهِ في الالتزامِ بقضيَّتِهِ الإنسانيَّةِ ومفاهِيمِها، ونتيجةً لهذا الإلتزام؛ إذْ حصَّلَ، مِنْ المندوبينَ النَّاخِبينَ للتَّرشيحِ الرئاسي، في المؤتمرِ الوطنِيِّ الدِّيمقراطيِّ، لسنة 1972، صوتاً انتخابِيٍّاً واحِداً، فقط لاغَيْر؛ كَما تَرَشَّحَ، عَنِ الحزبِ الدِّيمقراطي، إلى انتخاباتِ ولايةِ  نيويورك، لعضويةِ مجلسِ الشُّيوخِ، لدورةِ سنةِ 1974؛ غيرَ أنَّهُ خَسِرَ في هذهِ الانتخاباتِ العامَّةِ أمامَ جاكوب جافيتس، كما خَسِرَ، كذلكَ، في انتخاباتِ سنةِ 1967، مُحَصِّلاً المركزَ الثَّالِث، في الانتخاباتِ التَّمهيديَّةِ، خَلْفَ دانيال باتريك موينيهان وعضوةِ الكونغرس بيلا أبزوغ.

واقعُ الحال، إنَّ رامسي كلارك، وقبل أيِّ تَصَوُّرٍ آخر، هو صاحبُ قضيَّةٍ إنسانيَّةٍ ساميةٍ يؤمن بها، وساعٍ إلى تحقيق مفهوم عملي، لهذه القضيَّةِ، من خلال ما تولاَّه من مناصب ونشط في سبيله من مهام. أمَّا قضيَّتهُ، فلعلَّ أفضل تصويرٍ لها، أنْ يُقالَ فيها إنَّها قضيَّةُ حقِّ الانسانِ في الكرامَةِ، وأمَّا مفهومُهُ مِن هذه القضيَّةِ، فلعلَّه يُخْتَصَرُ، كذلكَ، في أنَّ الحُرِيَّةَ المسؤولةَ، لَيْسَتْ سِوى صُنْواً لِلكرامَةِ الإنسانيَّة. لذا، لَمْ يَكُن، غريباً، أنْ يكونَ رامسي كلارك، مُخْتلفاً إلى العُمْقِ، عَمَّن عَرَفَ العالَمُ مِنْ كثيرينَ مِنْ أهلِ السِّياسةِ في الولاياتِ المُتَّحدِّة الأميركيَّة؛ بَلْ إنَّ كلارك استطاعَ أنْ يَدُلَّ على أنَّ ثمَّةَ في نظامِ العملِ في هذهِ الدَّولةِ، ما قَدْ يُتيحُ لإنسانِ القَضِيَّةِ والمَفْهومِ المبدئيِّ المُنْبَثِقِ مِنها، أنْ يَعملَ وفاقَ ما تُنِيرُ لَهُ رُؤاهُ القِيمِيَّةُ الإنسانيَّةُ مِنْ دُروبٍ، وأنْ يَعيشَ، وَلَوْ خاسِراً سِياسيَاً، في أكثر حُصونِ الكرامَةِ الإنسانيَّةِ اعتزازاً وبَقاءً.

ويليام رامسي كلارك، وقد غادرَ دُنيا البَشَرِ، مُنذُ أيَّامٍ قليلةٍ، عَن ثلاثةٍ وتِسعينَ عامَّاً، عاشَها جمِيعها مُثْبِتاً، لِكُلٍّ ذي بَصيرةٍ، ولِكُلِّ ذي عَقْلٍ، ولِكُلِّ صاحِبِ وَعْيٍ، أنَّ كرامةَ الإنسانَ وحُرِّيَّتَهُ أكثرَ سُمُوَّاً ورِفعَةً وشموخاً وعِزَّةً مِن كُلِّ شأنٍ سِياسيٍّ، وأقوى مِن جَبَروتِ كُلِّ طاغيةٍ وأعظم مِن تشاطُرِ كلِّ مُتلاعِبٍ بمبادئِ الدِّيمقراطيَّةِ وأقوى مِن ألاعِيبِ كُلِّ مُتاجِرٍ بتأويلِ نُصوصِ القوانينِ، التي يَضعُها أهلُ السِّياسةِ، على حسابِ الإنسانِ وحقوقِهِ. قد لا يُمكنُ للتَّاريخ ِالبَشَرِيِّ أنْ يَنْسى مساوئ عديدةً لرؤساءَ أميركيين وسِواهُم؛ ما كانَت، في جَوْهَرِها، سِوى جرائمَ سِياسِيَّة بِحَقِّ الإنسانيَّةِ؛ لَكِنَّ التَّاريخَ الإنسانِيَّ لَنْ يَغْفَلَ أبداً، في عُمْقِ جَوْهَرِ أصالَتِهِ، عن أنَّ وليم رامسي كلارك، ومَنْ هُم على لُحْمَةِ نسيجِهِ وسُداها، يَرْتَفِعُونَ أَبَدَ الوُجُودِ الحَيِّ للإنْسانيَّةِ نَجْمَةً هادِيَةً لِخَيْرِ مَسيرَةِ الحياةِ الإنسانِيَّةِ الكَريمَةِ والحُرَّة.

كَلِمَةٌ أخيرةٌ، هِيَ تَساؤلٌ، قَدْ يَكون مُفتاحاً لِكلامٍ مُقْبِلٍ شديدِ العُمْقِ والغِنى، ومَفادُ هذا التَّساؤلِ، “ألا يُمْكِنُ أنْ يكونَ ثَمَّة مِرْآةٌ، مِنْ بِلَّوْرٍ شَديدِ النَّقاءِ وناصِعِ الصَّفاءِ وباهِرِ الجَلاءِ، تَجْمَعُ بَيْنَ الالتزامِ الواعي والمَسؤولِ الذي اختارَهُ الأميركيُّ رامسي كلارك، لِمَسيرَتِهِ الوطَنِيَّةِ والإنْسانِيَّةِ، وما اختارَهُ، عَنْ وَعْيٍ وتَصْميمٍ والتِزامٍ، اللُّبنانيُّ سَلِيم الحُص، نَهْجاً لِمَسيرَتِهِ الوَطَنِيَّةِ والإنْسَانِيَّةِ؟!   

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *