ويبقى الحُبُّ هو الجواب

Views: 459

لميا أ. و. الدويهي

 

مَن قالَ بأنَّه وجبَ على الأحبَّة «الالتصاق» ببعضِهم البعض، ليلَ نهار كتَعبيرٍ عن الحُب؟

مَن قال بأنَّ حاجةَ أحدهم للابتعاد عن الآخر أو حتَّى الانزواء بعيدًا، لسبب أو لآخر هو انتقاصٌ من الحبّ؟…

مَن قالَ بأنَّ الحبَّ يحتاجُ فقط «الحُضور المَلموس» ليكونَ حقيقيًّا؟… وأمَّا الذي تغنَّى بمَقولةِ «بعيد عن العَين بعيد عن القلب»، لا تَنفع مَقولته إلَّا في حالةِ انكفاءِ الحبّ أو عدم وجوده منذ البداية، والوقت وحده يكشفُ قيمة الأشياء… ألم يَقُل جبرانُنا بأنَّ «المحبَّةَ لا تعرفُ عُمقها إلَّا ساعة الفراق»؟… إذا الشَّرط الأساسي لنقضِ المَقولة الأولى وتثبيت المَقولة الثانية هو الحبّ الحقيقي والصَّافي والنَّابع من عُمقِ الإله… وأنا على يَقين بأنَّ وجودَ الله في الإنسان هو الحبّ الحقيقي ومن فيضِ هذا الحبّ، نَفيضُ على الآخرين…

أحيانًا كثيرة ما يكونُ الإنسانُ عِبئًا على ذاتِه بالذَّات، فكيف سيكونُ بإمكانِه احتمال الآخرين ، حتَّى ولو كانوا أقرب من روحِهِ إلى روحِه، عندما بالكاد يستطيعُ احتمال نفسِه؟…

قد يقول البعض: أرغبُ بالمكوثِ بجانبِه أو بجانبِها، فأنا أحبُّه أو أحبُّها وأريده أو أريدها أن يتأكُّد أو تتأكَّد من ذلك وإنِّي بجانبه أو بجانبِها مهما كانت المسألة…

جميلٌ الشُّعور بالرَّغبة بمُساندةِ الأحبَّة والوقوفِ بجانبهم ودعمِهم، فهذا هو المطلوب في شتَّى أنواع العلاقات، ولكن احيانًا يحتاجُ الإنسان أن يُلملمَ ذاتَه المُبعثرة وأن يفهمَ أشياء بداخِلِه…

مَن يُحبّ، يستطيعُ أن يُقدِّرَ الموقف ويستطيع أن يدعَمَ الأحبَّة في هكذا ظروف؛ لذا من المهمِّ أن يُمنحَ الآخر هذه المساحة…

الصَّمتُ أحيانًا كثيرة هو قوَّة، وابتسامة أو نظرة صامتة من قِبلنا، أيضًا تكفي… وهذا الصَّمت المُترقِّب هو صلاة ووقفة فيها احترام لمشاعر الآخر… وهذا الدَّعم هو المطلوب في لحظاتٍ مُماثلة، حين يخالُ الإنسان بأنَّ الأشياء تنهار من حوله، أو أنَّه غير قادر على فهم ذاتِه، أو أنَّه مُشوَّش لدرجةٍ لم تَعُدِ الرؤية واضحة بما فيه الكفاية، فيرتَكن إلى ذاتِه، إلى أعماقِه التي هي وحدها في هكذا ظرف قادرة على إعادة تَوجيه البوصلة؛ ومَن يدري؟ قد تكون هذه اللحظة التي يخسر فيها كلَّ شيء هي فرصة لربحٍ مُغاير أكبر وأهم، لم يكن بالحسبان…

وأمَّا تَنحِّي المُحبّ الحاضر بصبر، يبقى القوَّة الأكبر لتَخطِّي الصُعوبات التي إن لم تنتهِ على ما يُرام، أقلُّهُ بوقوفِ الآخر بجانبِ مَن يمرُّ بهذه المحنة، يجعل تحمُّلها مُمكنًا…

وأمَّا الحُبُّ، فيبقى هو الجواب الدَّائم لكلِّ شيء…

 ٢٣ /٤ /٢٠٢١

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *