قراءة في قصيدة “حَجَر” لسلمان زين الدّين

Views: 1028

جنان بلوط

 

  إذا تأمّلت َ هذه الكلمات ترى إليها شعرًا ذا مغزًى إنسانيٍّ مكثّف ، يزيحُ الحدود َ والانتماء ، ويخرجُ مِن ْ دائرةِ الزًمان والمكان ، ليبنيَ وحدةَ الرُّوح ِ الإنسانيّة ، وحقيقةَ السّلام ِ على الأرض : ( ابتعْدٌ عنّي قليلًا كيْ أراكْ / فقليل ُ القرب ِ لا يُخفي شذاكْ ) .

 فالضّميرُ  ( أنا )يشيرُ إلى الشّاعر ، والضّميرُ ( أنتَ ) يشير ُ إلى الإنسان ، لتكون َ الصّورة : “أنا لسْتُ سِواكَ أنت َ”. وهذه صورةٌ مشرقة تعبًرُ عنِ الالتحام الإنسانيّ في التّجربة الوجوديّة ، ليصبحَ الإنسانُ قبسًا مِنْ نورِ أخيه ِ الإنسان ، من ْ نورِ الله: ( واقترِب ْْ منّي قليلًا / لترى وجهَك َ في مرآةِ وجْهي / فأنا لسْت ُ سِواكْ ) .

الشّاعر سلمان زين الدّين

 

 ولهذا المعنى صورةٌ  ٌرائعة في قول كمال جنبلاط: “وأنت َ أنا يا أخي ، أنتَ هذا الكون ُ في حقيقتِه ،

  أنتَ الإنسان ، بلْ أنتَ وجهُ الرّحمن .”

  وينكفئُ تطلّعُ الشّاعر خلْفَ أهوالِ الحروب ، حيثُ تظهرُ صورةُ النّزاع بينَ بني البَشر :(ونحنُ ، الإخوة َ الأعداءَ / يفني بعضُنا بعضًا / ونريقُ العمْرَ في حرْبِ النُّجوم ْ) ، وكَمْ ضلّلهم حطامُ الدّنيا ، “ولا شيء يخلدُ منهُ ولا يبقى “:(وغدًا ، حينَ نلبّي / دعوةَ الأمِّ إلى الحضنِ الرّؤومْ / وتنادينا مواعيدُ القَدَرْ/ لنْ ينالَ الواحدُ الفردُ / سِوى مترين لحدًا / وحَجَرْ  !)

  ألَمْ يستبصر ِ الإنسان أنّ تهالكَه على الدّنيا يعني “أنّه لم يستيقظ ْ بعْد ، ولمْ يولَدْ قطّ “، كما في قول رامبو؟!

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. النّشرُ على موقعكم الكريم ، يرتفع ُ بمستوى الثقافة والكتابة والنّقد .
    كلّ الشّكر والمحبّة والتقدير للكاتبة المرموقة والمبدعة الأستاذة كلود أبو شقرا ، وللصحافيّ اللامع والمتميّز الأستاذ جورج طرابلسي .
    دامتْ أنوارُ موقعكم .