على الامتداد… قراءة في ديوان “بوهيمية” لميراي عبدالله شحادة

Views: 498

د. عماد يونس فغالي

 

 

عندما أعلنتِ عن صدور “بوهيميّة”، لا أخفيكِ كم ذُهلتُ!! في شخصِكِ ومقاربتكِ الحماسيّة لقناعاتكِ وأساليبكِ العلائقيّة، تميّزٌ عن بنات جنسكِ، أعملَ فيّ البحثَ حتى هتفتِ: “بوهيميّة”، فارتاحتْ إلى الهتاف نفسي!

وفي قراءتي المتقطّعة للديوان، لكن المتواترة والشائقة، التقيتُ شخصَكِ الغريبَ الأطوار، تواجهتُ مع نفسكِ البلّوريّة الصادمة شفافيّتُها، واستكنتُ للصدق الواقعيّ المالك في النصّ، يعكسُ طبيعيّةً لا مساومة على تجلببها ثوبًا قشيبًا يعرّف: بوهيميّة!

إن كان المصطلحُ يعني في دلالاته عدم استقرار، فأنتِ منذ السياقات النصيّة لا تهدأين، ولا يسكنُ روعُكِ. من حالةٍ عشقيّة مختلفة إلى ثورةٍ على علاقاتٍ تقليديّة، إلى انتفاضةٍ على حبيبٍ لا يدركُ داخلَكِ… نصوصٌ، قصائدُ، ملحمات لا تشبه إلّاكِ.. ولا تشبهُكِ إلاّ من داخل. في الواقع، ولستُ أدري إن أصيب، لا تصيبين في القارئ إلاّ الفرح، كغجريّةٍ تُطربُ وتُسعد، ولا تلبثُ ترحلُ إلى دأبٍ مماثل في عوالمَ أخرى!

 

ميراي عبدالله شحادة،

كأنّي بكِ فهمتِ الحياةَ قصيدةً تنتظمُ فينا، نتشكّلُ بيتًا فيها. فأردتِ أن تكوني بيتَ القصيد! دعيني أذهبُ إلى أبعد، أراكِ ابتغيتِ نظمَها على مقاساتٍ تلبسُكِ، فلبستِها، فضفاضةً ترتاحُ إليها غجريّتُكِ الشاعرة، منذ صحارى وجدتِ نفسكِ وليدَتَها، فخلقتِ فيها واحاتِكِ الراتعة في الوفاء وامتدادات الألق!

إن رسخ في المعتقدات أنّ البوهيميّةَ خلوٌّ من عبادة، فقصائدُ “بوهيميّة”، صلواتٌ في معبدٍ أنثويّ الهوى. فائقُ المرأةِ في امتداد الصفحات، يصوّرها إلهةً تهيمُ في مناجاةٍ ميثولوجيّةٍ مع عالم الجمال العلويّ، أقلّه من صنعِ اختيالاتها الهائمة بفوق!

يبقى أن أشيرَ إلى مكانةِ الرجل المناط بدوره. مأساتُه أن تربّع حبيبًا، تريده ميراي في مضامينها ثوبًا من مقاسِها… لا! تريدُه محرّرَها من قيودٍ تكبّله، اعتادَ أن يشدّها بها امتلاكًا. تريدُه في رباطٍ بلا مقاس… طليقةٌ كالحبِّ لا يُدركها… تشكرُه إن أفلتتْ. تقرّبه إن عرف يحرسُ حبّها يحياه، عفوًا يدعُها تحياه في فضاءاتها…

“بوهيميّة”، لا يُقرأُ في مفهومٍ أنثويٍّ مجتمعيّ، لا شرقيًّا ولا غربيًّا. ولا يُقاسُ في موازين العشقِ، لا الإنسانيّ ولا الإلهيّ. يُقرأ فقط بانعتاق، يطالُ كلّ ما سبق ولا يقفُ عند أيٍّ فيه. يُقارَبُ بفعلِ اتّباع مسيرةِ الشاعرة الميراي، عبرَ لا طرقات، إلى وساعاتٍ خلقتها في فضاءاتٍ ومساحات، خارجَ كلّ أفقٍ يُرى، فترتادُ ضفافًا سابحة في الجمالات، ترتوي وتبتعدُ إلى مزيداتٍ. وتعيد الكرّةَ منعشًا ومسرورًا!!!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *