زرَعَ الريح ليحصُد العاصفة

Views: 648

 خليل الخوري 

 يجدر ألا يفوت المراقب، أياً كانت ميوله، أنّ منطلق الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلّة يتمثّل في حراكَين صهيونيين مُتلازمَين. أوّلهما الهجوم على المُصلّين في المسجد الأقصى، والثاني هجوم المُستعمِرين على منطقة الشيخ الجرّاح لطرد الأهالي الأصليين الفلسطينيين واحتلال منازلهم وعقاراتهم وإقامة مُستعمرة يقطنونها مكانهم.

إنّ الذين يُحمّلون الجانب الفلسطيني المسؤولية عن العدوان الصهيوني الأخير على القدس والضفة وغزّة، هم إمّا جاهلون أو مُتجاهلون هذه الحقيقة الساطعة.

وفي منأى عن الإنحراف المروّع لدى بعض الناشطين العرب (أجل العرب!) على مواقع التواصل الإجتماعي، الذين يُعربون ليس فقط عن إنحيازهم إلى العدو الإسرائيلي، إنما يُعلنون أيضاً عن إنتمائهم إليه، يَطرح السؤال ذاته: ماذا حقّقت إسرائيل من هذا العدوان؟ الجواب، في تقديرنا، إنها زرعت العاصفة ولم تحصد إلا الريح! فمن يُتابع الإحصاءات التي تُعمّمها وسائط الإعلام الصهيونية يتأكّد أنّ ثمّة إجماعاً على أنّ النتيجة خسائر بخسائر، وهي مادية ومعنوية ومصيريّة.

في الخسائر المعنوية لم يُسجَّل أنّ أيّاً من العواصم الكبرى دعمت العدوان، وحتى واشنطن ذاتها كان تأييدها مُتراجعاً بنقط ملحوظة عن السابق، مع تكرارها العبارة – الكليشيه المعروفة: «يحق لإسرائيل أن تُدافع عن نفسها». وهذه معزوفة النشاز باتت مُستهلكَة.

أيضاً تكاد لا توجد وسيطة إعلامية واحدة في الكيان الصهيوني تؤيّد العدوان.

والأهمّ من هذا كلّه الخسارة المتمثّلة في هزّ معنويّات ضبّاط وعناصر جيش الحرب الإسرائيلي بعدما ثبُت لديهم أنّ «القبّة الحديدية» مُنيَت بالفشل الذريع. بدليل الإعتراف الرسمي بسقوط نحو 320 صاروخاً على مناطق الإحتلال، حتى ظهر أمس.

وفي الخسائر المادية، ترتفع الإحصاءات البيانية التي يُصدرها خبراء إقتصاديون لتُشير إلى أنّ هذه الحرب العدوانية كبّدت الكيان الصهيوني مليارات الدولارات في ميادين مختلفة. والأرقام في متناول من يشاء الإطلاع عليها، ولا تتّسع لها هذه العجالة.

أما في الخسائر البشرية فقد لامس عدد قتلى العدو العشرين وفق صحافتهم التي تخضع لرقابة مُشدّدة جداً، خصوصاً في زمن الحرب. وأما الجرحى فيُناهزون السبعين، ويدّعي الصهاينة أنهم جميعاً من المدنيين.

لا شكّ في أنّ عدد الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين الحقيقيين من الشعب الفلسطيني أكثر بكثير، وبينهم بحو 60 طفلاً، ناهيك بالنساء والشيوخ… إلا أنّ العدو الإسرائيلي لم يعتَد على هكذا خسائر في صفوفه.

والأشدّ خطراً على الكيان العبري ما باتَ معروفاً من نزوعٍ إلى هجرة غير مسبوقة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *