فؤاد الخطيب… أحد روّاد القومية العربية

Views: 20

وفيق غريزي

 ثمة رجال من لبنان، كانوا من اوائل الدعاة الى العروبة، وناضلوا من اجل رفع رايتها عاليا. ومن هؤلاء الشاعر فؤاد الخطيب، الذي تجاوزت شهرته الحدود المحلية الى كل البلدان العربية، خصوصا انه شهد انبعاث الحركات الثورية العربية.

 انه شاعر تغنّى بامال العرب وتطلعاتهم المستقبلية، وعندما وقعت نكبة فلسطين عام ١٩٤٨، شعر بجرح عميق في قلبه. وقد اشاد بجهاد الشهيد الشيخ عز الدين القسّام، الذي سقط شهيدا اثناء مواجهته العصابات اليهودية عام ١٩٣٦…

رحلة العمر

ولد الشاعر فؤاد الخطيب في بلدة شحيم في اقليم الخروب عام ١٨٨٠، وكان والده رئيسا لمحكمة جبل لبنان. تلقى علومه الابتدائية في مدرسة القس طانيوس سعد، في الشويفات وعلومه الثانوية في كلية سوق الغرب – قضاء عاليه، ثم انتقل الى الجامعة الاميركية في بيروت وتخرج منها عام ١٩٠٤.

 وفي عام ١٩٠٨ سافر الى مصر، وهناك اقام علاقات وطيدة مع كبار الشعراء امثال: اسماعيل صبري واحمد شوقي وخليل مطران وحافظ ابراهيم. ومن مصر انتقل الى الخرطوم وعمل مدرّسا للغة العربية في كلية “غوردون” وتوطدت علاقته مع المهدي والمير غني ويوسف الهندي. ومن السودان انتقل الى الحجاز، واتصل بالشريف حسين، وعمل رئيسا لتحرير جريدة “القبلة”، وهي الجريدة الرسمية في الحجاز، ثم عيّن وكيلا لوزارة الخارجية في حكومة النهضة عام ١٩١٦، حيث اعلن الشريف حسين الثورة على العثمانيين، بعد ذلك تسلّم منصب وزير الخارجية. وبعد تأليف الحكومة الهاشمية في دمشق برئاسة الامير فيصل بن الحسين، عيّن فؤاد الخطيب معتمدا للحكومة الحجازية في العاصمة السورية – دمشق، وبعد معركة ميسلون عاد الى مكة وعيّن وزيرا للخارجية ايضا.

ولما استولى الملك عبد العزيز آل سعود على الحجاز، ووحد البلاد، انتقل الشاعر فؤاد الخطيب الى الاردن كمستشار للملك عبدالله ابن الحسين عام ١٩٢٦. وفي اواخر العام ١٩٣٩ قدّم استقالته، وعاد الى لبنان واستقر في برج البراجنة، وانصرف إلى الشعر والأدب، الى ان استدعاه الملك عبد العزيز عام ١٩٤٥ فمكث عنده مستشارا، ثم عيّن سفيرا لجلالته في كابول عاصمة افغانستان، وبقي هناك عشر سنوات…

 

مميزاته وصفاته

تمتع فؤاد الخطيب بالاخلاق الحميدة، ولكنه كان عصبي المزاج، مرهف الحس، سريع البديهة، حاضر النكتة، حلو الالقاء، محدّثا لبقا. كان ايضا معتدل القامة، نحيف البنية. شديد التعصب لعروبته وقوميته العربية، كان كثير القراءة، ولا سيما ما يتعلق بعلم الفلك، وشكسبير، ولورد بايرون، وهوميروس وغيرهم. وقد طعّم الشعر العربي بكثير من المعاني المقتبسة من الاداب الغربية. وكان يضع الفكرة في اسلوب جزل، وعبارة بليغة، وكلمات نصيحة، بحيث نرى الشكل والمضمون يسيران جنبا الى جنب من حيث المتانة والقوّة والجزالة…

شاعر الثورة

معظم نتاج فؤاد الخطيب الشعري كان يلتهب بالشعور القومي العربي، والحماسة الوطنية، ولذلك لقّب بـ “شاعر الثورة العربية” و “شاعر العرب”، اذ كان شعره يستنهض الهمم، داعيا بني قومه الى الجهاد والنضال.

بدأ نشاطه في الجمعيات العربية السرّية التي كانت تطالب الاتراك باعطاء العرب حقوقهم في الحرية والاستقلال، وحفظ كيانهم القومي ولغتهم العربية، ومقاومة سياسة التتريك التي انتهجها حزب “تركيا الفتاة”.

نظم فؤاد الخطيب في مختلف الفنون، له شعر في الشكوى والعتاب والغزل والمراثي والوصف، والحكم، وفي مخاطبته ابناء العروبة يقول: “اريد لابناء العروبة وحدة وإني اراهم بينهم رحماء ومن ركب الاخطاء ردّ جماحه عتاب اخ لم يركب الغلواء هم العرب الاحرار لا القيد مطبق عليهم ولا الاخلاص كان رياء”.

 وعن شرف الاوطان وعزّتها يقول: “شرف الاوطان لا نتركه فعلينا صونه قد وجبا مرحبا بالنعش والقبر اذا نلت يوما من عدوّي المأربا فهما احلى من العيش وما عيش قوم عزّهم قد ذهبا”.

 ولقد توفي الشاعر فؤاد الخطيب في الخامس عشر من نيسان العام ١٩٥٧ في كابول، اثر نوبة قلبية لم تمهله سوى ساعات قليلة. ونقل جثمانه الى مسقط رأسه شحيم، حيث ووري الثرى. (https://uk.godaddy.com/) وقد ارسلت برقيات تعزية الى ذويه من: الرئيس جمال عبد الناصر، الملك سعود، الملك فيصل الثاني، الملك حسين، الرئيس شكري القوّتلي، والأمين العام للامم المتحدة داغ همرشولد، وعدد كبير من رؤساء الوزراء والاعيان من مختلف الدول العربية…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *