حتى الدواء والغذاء؟!

Views: 573

خليل الخوري

 

اتصل، أمس، بالصيدلية ولكن عبثاً، فجرس الهاتف يرن من دون جواب. وبعد تكرار المحاولة اتصل بصديقه الصيدلاني، رفيق الدراسة في الزمن اللبناني الجميل، على هاتفه النقال، مستوضحاً، فجاءه الجواب: نحن مضربون. نحن، يعني قطاع الصيدلة.

لقد وصلت الأزمة التي تضرب هذا البلد، بل تجلده، الى حد اعلان القطاع الصيدلاني الإضراب العام. أإلى هذا الحد نحن في المأزق؟!.

المهم دار بين الاثنين الحوار الآتي:

الصديق: متى ينتهي الإضراب؟

الجواب : غداً (اليوم).

* أرجو أن تهيىء لي الأدوية الثلاثة المزمنة التي تعرفها.

– عذرا يا عزيزي، هذه غير متوافرة.

* هل سمعتك جيداً أنك تقول إنها غير متوافرة؟

– غير متوافرة عندي وعند سواي أيضاً، فالمستورد لم يزودني إلا بعبوة واحدة منذ أسبوعين.

* طيب، ولكن أين تكمن  المشكلة؟

– تكمن المشكلة في الدولار الأميركي المتواري عن الأنظار.

* وعليه، كيف، ولماذا، ومتى تتوافر هذه الأدوية؟

– إنها غير متيسرة لأن المستورد يستحضرها من الخارج حيث مصدرها، وبالعملة الصعبة، ولأن الدولار يأتي من البنك المركزي الذي استنفد أموال الدعم بالعملة الصعبة التي وصلت حتى الخط الأحمر، فلم يبق لديه إلا ما لا يزال من الحد الأدنى من أموال المودعين، وهذه لا يمكن « الدق» فيها.

* هذا يعني أن محتاجي أدوية الحالات الصحية المزمنة بات مصيرهم، المعلق بين الحياة والموت، رهناً بالدولار غير المتوافر.

– أجل. هذا صحيح.

* هل يعني أن مستوردي الأدوية قد استنفدوا كل ما لديهم منها؟

– ليس بالضبط. لا شك في أن الكمية باتت قليلة، ولكنهم يحجبونها عن الصيدليات. أي إنهم يزعمون استنفادها قبل أن تستنفد فعلاً وأنا على يقين بهذه الحقيقة. ولكنني أخشى أن يصبح مصير هذه الأدوية مماثلاً لمصير اللحوم المدعومة التي حجبوها عن الأسواق ظناً منهم أن الدعم سيرفع عنها، وبالتالي سيبيعونها من المستهلك بالسعر الفالت  وهم كانوا حصلوا عليها بالسعر المدعوم… علماً أنه لم يتبق لهم سوى أيام معدودة قبل انتهاء صلاحيتها..

طال وقت الحوار بين الصديقين، وأسهب الصيدلاني في الشرح التقني التفصيلي، ولا مجال له هنا.

ولكن، ماذا بعد؟ والى أين من هنا؟

حتى الغذاء والدواء؟!.

أالى هذا الحد بلغ بنا الانحدار؟

فعلاً، الى أين؟

وبئس المصير!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *