أميركا و«إسرائيل»: التغيير!

Views: 545

خليل الخوري 

منذ بضعة أيام تُشغَل الأندية السياسية والديبوماسية والإعلامية بما تعارفوا على تسميته بـ»التبديل في السياسية الأميركية تجاه إسرائيل». وتُراوح الآراء حول هذه النقطة من أقصى الرفض إلى أدنى القبول. أما الذين في الوسط، فيرَون أن ثمّة «شيئاً ما» يرنّ في هذه العلاقة.

لا شكّ في أنّ الحزب الديموقراطي الذي أوصل جو بايدن إلى الرئاسة في البيت الأبيض هو المعني الأوّل بهذا الحوار، وقد انعكس الوضع على نواب الحزب في الكونغرس مع ملاحظة أنّ الذين أيّدوا التغيير في السياسة الأميركية تجاه «إسرائيل»، عبّروا عن آرائهم بصراحة. أما المتحفّظون والمعارضون، فقد لاذوا بالصمت.

العدوان الذي شنّته الدولة الصهيونية على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزّة أدى إلى تفجير هذه المسألة بحيث تبدو ضبضبتها بعيدةً. إلا أنّ الأمر يعود إلى الحملة الإنتخابية التي خاضها بايدن على أساس إلتزامه بالدولتَين في فلسطين المحتلّة، فيما كان مُنافسه ترامب يتمسّك بشدّة بأنّ القدس هي عاصمة إسرائيل الأبدية وبأنّ الجولان السوري المُحتلّ هو أرض تابعة للعدو، وبأنّ من حقّ الكيان العبري أن يصول ويجول وفق ما يحلو له.

عبّر بايدن عن إمتعاضه من سياسة بنيامين نتانياهو بأن أخّر إتّصاله به أسابيع طويلة بعد إنتخابه رئيساً للولايات المتحدة. وفي الثاني من نيسان الماضي، أكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في إتّصال مع نظيره العبري غابي أشكينازي على ضرورة «تغيير واقع الأقليّة العربية» في فلسطين، مُشدّداً على أنّ إدارة بايدن على إقتناع بأنّ الإسرائيليين والفلسطينيين «يجب أن يتمتّعوا بدرجة متساوية من الحرية والأمن والإزدهار والديموقراطية». وقبل هذا بأسابيع، إستأنفت إدارة بايدن تقديم المساعدات للفلسطينيين التي كان ترامب علّقها.

تعتبر إدارة بايدن أنّ الضفة الغربية هي أراضٍ مُحتلّة بفعل النشاط الإستيطاني الإسرائيلي المتوسّع الذي يُفاقم الثورات والإنتفاضات ويتعارض مع الجهود الرامية إلى تعزيز مفاوضات ينجُم عنها حلّ على أساس الدولتَين.

صحيح أنّ الإدارة الأميركية الجديدة لم تتراجع، بعد، عن قرار إعتبار القدس عاصمة أبدية لـ»إسرائيل» كما قرّرت إدارة ترامب الأرعن، إلا أنّ ثمّة تمايزاً في معظم الخطوات والمواقف والتصريحات ذات الصلة. علماً أنّ وسائط الإعلام العالمية الكبرى مُهتمّة جداً بما تُسمّيه الموقف «المُتشدّد» من بايدن تجاه «إسرائيل». في هذا السياق ذهبت صحيفة «تيليغراف» البريطانية إلى اعتبار أنّ من شأن هذا النشاط أن يتناغم مع حراك النواب الديموقراطيين الذين تضجّ أصواتهم في مبنى الكابيتول إعتراضاً على القصف الإسرائيلي وقتل المدنيين في غزّة.

لا شكّ في أنّ الحال لم تصل بعد إلى حدّ القول إنّ بايدن نجح في رفع الوصاية الصهيونية عن القرار الأميركي، فقط نزعم أنه يُحاول أن يتملّص منها، وهذا جيّد في المطلق. وفي تغريداته أمس لفتنا أمران: الأوّل مُساواته بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الحاجة إلى حياة آمنة، والثاني إعرابُه عن التضامن مع ذوي المدنيين والأطفال في الجهتَين. وهذا ما لم نعهَدهُ قبلاً من البيت الأبيض.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *