الحب عدو الكمال… فلسفة العشق بين الطبيعة وكائناتها

Views: 524

مي جان يزبك

 

وكان السبب في أغلب الأحيان ليس سوى توازنًا.     لاروشفوكو…

“Ce que nous prenons pour une cause n’est bien souvent qu’une simultanéité “.    

La Rochefoucauld…

 

ومرّت النّحلة من هنا وأوقعت لقاح الأزهار الذي التصق على بطنها عندما كانت تمتص الرحيق، وحصل التخصيب وتكوّنت البذور ووقعت على الأرض وانطمرت فيها واستخدمت الأملاح المعدنية لتقتات، ونبتت شجرة الحب، ساعدها بذلك نور الشمس الساطعة (البناء الضوئي photosynthèse ) ونقاط المطر المُنْهَمِر من السُّحُبِ السَّخِيَّة وتكاملت عناصر ارتكاز وتوازن النظام البيئي (écosystème ).

وسألت نفسي عن هذه العناصر المكوّنة لشجرة الحب، وسألت وتساءلت عن السبب والهدف، إذ أن النحلة استعانت بجوعها وكونها مجبرة على تحصيل قوتها بيدها، فخاضت غمار الحياة وجرفت على طريقها مكونات الاستمرارية، وكشرط لنمو الحب هنالك من يعتقد أن على الحب ان ينطمر ومن ثم ينبت ليحيا  فكان المطلوب، ما بالك بين استقامة مسيرته وانحراف معيار نجاحه (écart type ).

واتى يوم التعهّد فحلفت الشجر بأن تبقى على استقامتها وعلى شموخها إلى الأعلى.

وفي يوم من الأيام أتت الرياح بغبار  وقد سقطت على كعب الشجرة فنبتت الطفيليات بعد أن امتصت من غذاء الأخيرة الذي كلّفها سنين عمرها لتصنعه، تفبركه.  حاولت الشجرة أن تحجب الضوء عن كل الفصائل حيث أنها نسيت ان ذلك لن يوقف نموها لأن هذه الأنواع من الكائنات ليست بحاجة إلى النور لتجاهد  وتبقى على قيد الحياة، هي تعمل في العتمة، علماً أنها تعيش على حساب تعب غيرها، فانهارت وضعفت واستاءت ونظرت نظرة أخيرة إلى السماء واودعتها روحها واستودعتها وسألت الخالق كيف، وهي المعتدّة بنفسها وبذكائها، لم تستطع أن تحسب هذا الحساب.

وهكذا أخذت الطبيعة على عاتقها الحفاظ على التوازن بصمودها وعانت ما عانته منذ فجر الخليقة وهي ما زالت، هل يأتي يوم ويخل فيه هذا النظام؟ ومن سيكون سببه؟ هل هي الشمس إذا قرّرت يوماً  أن تنحجب فتموت الأعشاب والخضار ويموت من يأكلها (حسب السلسلة الغذائية chaîne alimentaire ). وتختفي الحياة عن الكرة الأرضية. وحاولت تقريب حسابات الدنيا ووجدت أن كل العلوم متداخلة ومستمدّة الواحدة من الأخرى، فالرياضيات  ترتكز على المعطيات واستعمال السبب للوصول إلى النتيجة أو تبيان المعضلة واثباتها. فما كانت معطيات تكوين الحب؟ وجود شخصين طغت على شعورهما كيمياء التقارب، وكالمغنطيس جذبتهما الواحد إلى الآخر وساعدتهما الظروف من شمس البصيرة وتراب غني بالمواد الأولية، يعني أرضية جاهزة ومناسبة وكل من حولهما من أقارب وأهل أمطرت عليهما بسخاء، وكانت الأيام تمر والحب كان ينمو ويكبر. وعلى غفلة حمل الهواء غبار الطفيليات وأوقعها على ارجل المحبين وامتصت روح حبهما، فهكذا هبت عاصفة الخراب وحاولت هدم البنيان، واستفاقت شجرة الحب وحاولت الصمود بعكس التيار ومنع الوضوح بنشر العتمة. واستعان الكون كله بهذه الصفات وتبناها وارتكز عليها ليشرح وينشر ويُعلّم ويُنوّر الكل ويحاول حَثَّهم على الإنتباه.

وكانت مكوّنات دماغ البشر أو الفصيلة البشرية غير قادرة على الإستيعاب وكُسِرَت قلوب وانهارت الحسناوات وخسر الحب معركته أمام هذه الحرب الكونية وتداعت ابنيته الشاهقة وفشل ملك الملوك وتخلى عن عرشه وانطفأت هالته المشعة أو شعلته.

أيها الحب ما هي عناصرك المفقودة، ما هي فلسفتك لتدخل زنزانة الكمال، هي جينات فاسدة لعبت بها يد الشر، وا أسفي عليك كنت الأمل الوحيد للم شمل الشعوب ونشر الطمأنينة.

دائماً وفي كل موقف نجد حرب الخير والشّر تستعر غير آبهة بمعادلات الحياة، عسى أن ينمحي كل ذلك من كل المجرات وتعيش البشرية بطمأنينة وحب وهناء، كلها أيام معدودة، ثوان بعمر الكون، نمر فيها على هذه الأرض، هل يجب أن نقضيها بالمناكفات والحروب والشرور…

٢٧/ ٥/ ٢٠٢١

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *