السعادة

Views: 544

غسان صليبي

كلمة “السعادة” في العربية، تحمل معاني غنية.

في كلمة “السعادة”، هناك ملامح “الساعة”، كزمن على ما يبدو، لدوام السعادة. لكن هذه “الساعة” تتطلب “سعياً” و”عادة”، كما يمكن أن يُستدل من تركيبة كلمة سعادة.

لا بدّ إذن من السعي، للوصول إلى هذه الساعة الحلوة. لا بدّ من التصميم والجهد، وبعض “الحظ” طبعاً.

لا بدّ أيضاً من شيء من العادة أي من التكرار، حتى تحلو هذه الساعة أكثر فأكثر: ممارسة الحب أكثر من مرة مع الشخص الواحد، لاستنباط أكبر قدر ممكن من النشوة والاستمتاع؛ الذهاب إلى المقهى نفسه، أكثر من مرة، مع الشخص نفسه، للتآلف مع المكان واحتضان الزمان بالقدر الكافي من الخفة والانشراح؛ تكرار اجتماع العمل مع نفس الشخص، لتسهيل التواصل ومراكمة شروط الإنتاجية الفضلى؛ وغيرها من الأمثلة…

على الماركسيين أن يفرحوا: في صيرورة السعادة، كما تقرّ اللغة العربية نفسها، تتحوّل الكمية إلى نوعية، تماماً كما في الجدلية المادية.

لكن فرحتهم لن تدوم، إلا اذا كانوا، كالعادة، لا يأبهون بالنتيجة: فمن فرط التكرار والعادة، تتحول ساعة السعادة، إلى أسابيع وشهور من الملل.

أو إلى دقائق وثوان، من التململ. ها هي النوعية تتحلّل مجدداً وتصبح مجرد كمية، بدون معنى ولا جدوى.

سعي، فساعة، فعادة، فسعادة… فعودة كئيبة إلى الوسادة.

لا بأس، فلنستبدل الساعة، بساعة أخرى… حتى تحين الساعة.

***

(*) من ديوان “زهرة في حائط” الصادر حديثًا عن دار نلسن-بيروت

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *