وإنَّما الحُب…

لميا أ. و. الدويهي

 

ليست الإرادة هي التي تمنعُني من اقتراف الأخطاء…

ليسَ العَيب والمَعيب والتَّعييب والتَّعيير ما يَلجمُني…

ليسَتِ التَّعليقات ولا التَّنظير ولا الأحكام المُسبَقة، ولا الانتقاد اللَّاذع أو التَّقييم الفاشل الذي لا يعتمدُ الموضوعيَّة في إطلاق الأحكام…

ليَستِ القِيَمُ وحدَها ولا المبادئ أو الأخلاق هي التي تُشكِّل الرَّادع لمنعِ الانجراف في مُختلفِ أنواعِ التيَّارات…

وليس… وليست… ما يوقِفُني… وإنَّما «الحُبّ»…

هو الحُبُّ الذي مَنحني إيَّاهُ الخالق بمجَّانيَّة وأعطاني القدرة على أن أُحبَّ على مِثالِه وبالمِثل… هو الحُبُّ الذي تليقُ بهِ مُختلفُ الكرامات… هو الحُبُّ الذي يُنَقِّي جوهرَ الإنسان ويجعلهُ مُترفِّعًا وفوق كلِّ الأشياء… هو الحُبُّ المُشِعّ، النَّاصِع، الذي قدَّس هَيكلَنا البشريِّ وجعلنا أرفعَ من كلِّ النَّزوات والأشياء…

هو الحُبُّ الرَّادِع الوحيد لكلِّ التَّجارب القادرة على جرفِنا إلى هوَّات مُختلف التَّجارب التي تُسيء لقيمةِ الإنسان- فالكرامة محفوظة له دائمًا ولو مهما انغمَس في الخطيئة، إذ قد منحهُ إيَّاها الخالق منذُ البدء ولا أحد ينتزعُها منه إلَّا إرادتهُ الخاصَّة- لذا لا يَحقُّ لأحد التَّعيير والتَّذليل وانتهاك حُرمةَ هذه الكرامة…

« المحبَّة واجبة للجميع وإنَّما المؤالفة لا تليق بالجميع  » و« العشرة السيِّئة تُفسدُ الأخلاقَ الحَميدة » هي حِكمٌ تُساعدُ الإنسان على صونِ نفسِهِ وهو أمرٌ واجبٌ ولكنَّه لا يُعطينا الحقّ بانتقادِ مَن زَلَّت قدماه وسقط في تجربةٍ ما واعتبار أنفسِنا أهمّ أو أفضل…

يبقى البابُ مُوصدًا أمامَ هؤلاء طالما ليست لديهم نيَّة التَّغيير وتُفتحُ الأبوابُ على مِصراعَيها أمام كُلِّ تائبٍ منهم، أمام الله وليس الإنسان، فالإساءة قد صنعها الإنسانُ أوَّلًا لذاتِه قبل قريبه… كُلُّ هذا وأكثر، ولا يستطيعُ الإنسان تمييزه والثَّبات عليه لولا من «الحُبِّ المُطلَق» الذي يكشفُ بأنوارِه السَّماويَّة كافَّة الأشياء، تلكَ المنظورة والغَير مَنظورَة… والأهم أنَّهُ يُعطي القُدرة على ولادة جديدة، تقلبُ كيانَ الإنسان وتنفحُه بالرُّوح لينفضَ الإنسان العتيق ويتجدَّد بفعلِ هذا الحُبِّ البسيط والعجيب السَّامي والحاضر في آن… فهو يختارُ القلوبَ النقيَّة ولو سقطت في تجربة أو خطيئة ليجعلَ منها سُكنى له أبديَّة…              

 ١٥ /٦ /٢٠٢١