هذا الصَّمت…

Views: 477

لميا أ. و. الدويهي

 

مَضت أيَّام وتلتها أيَّام ونحن نتواصل مع أنَّنا لا نتقابل… أحدُنا في حضرة الاخر… يتكاملُ معه وينمو به… لا فرق… فنحن معًا بالرغم ممَّا تُحتِّمه علينا الظُّروف…

هذا الوجود يفوق بحضوره المسافات والأحداث… إنَّه يُدخلنا في عُمقِ الصَّمت الذي تختبئ فيه كلُّ أحلامنا وأشواقنا ورغباتنا… هذا الصَّمت الذي يحوي فيه خفايا نفوسِنا وشجن قلوبِنا، فيه نلتقي…

قد نتلامس ونتهامس بصمتِ الكلام… قد نضيعُ في سراديبِه وتلفُّنا غَبْوَةُ ظلامِه ويُريبُنا سُكونُه… ففيه قد رُميَت كلُّ الأسرار التي لم تَشأ أن تَكشفَ ذاتها والتي خافت أن تبقى مُفرَدة، فالتَحَفَت بوشاحِ الصَّمت وفتحت للقلبِ سجنًا دفنت فيهِ روحها…

قد رفضتِ المُخاطرة ولم تَجرؤ على خوضِ غُمار الحياة، فسكنت هي أيضًا في صمتِ المَوت، موت الرُّوح…

وأمَّا أنا فسكنتُ قفرَ الصَّمتِ الذي يفتح على المدى آفاقًا تجعلُ التَّواصل طاقةً تفوقُ الصَّمت الخائف والمتردَّد، القانع والقابع، الذي لا يجرؤ على مُلامسةِ الحياة وإن بطرفِ ثوبِها…

أمَّا أنا فاختياري لذاك الصَّمت هو حياة، هو اقتبال، هو رجاء، هو اختبار لعُمقِ الحبّ الذي صدحَ عُمقه فوق الصَّمت السَّاكن، الخافت، وخاض غُمارَ الصّمتَ الصَّاخب، الهادر، الواعد بأشياء فاقت بصمتِها قوَّةَ الكلام…

فليس من مكان سوى للحياة بيننا…

٢١ /٢/ ٢٠٢١

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *