“شعب لبنان”… يلدغ من الجحر مرات!

Views: 379

أنطوان يزبك

 

روي عن النبي العربي قوله: “لا يُلدغ مؤمن من جحر مرتين”

والذكي فعلا هو الذي يتعلّم من خطأ ارتكبه فلا يعود يكرره.

الحياة مدرسة، تلقننا الأيام  تباعًا دروسًا من الأخطاء التي تلاحقنا، فنصبح محصّنين، مدرّبين، واسعي الخبرة، وكثيرًا ما نردّد: فلان علّمه الدهر واكتسب نضجًا ودربة ومعرفة.

يقول فولتير: جلّ من لا يُخطئ حتى لو صار عجوزًا، وأهم حكمة في حياته  هي أن الإنسان يقع في الخطأ غير أنه يصحح أخطاءه ويتعلّم منها!

فولتير

 

لكن يبدو أن الشعب اللبناني يسجّل أعلى نسبة بين الشعوب التي لا تتعلم من زلاتها ولا تعرف كيف تصوّب أخطاءها ولا تتعلّم من الماضي وتأخذ الدروس المفيدة لمواجهة المستقبل.

في كتاب “مقامات لبنانية” (صادر سنة 1963)، يتناول المؤلف منير تقي الدين العيوب التي تغلغلت في المجتمع اللبناني.

رغم تطوّره الثقافي والحضاري لا يزال هذا المجتمع أسير المظاهر الفارغة، وفي مقارنة بين مجتمع 1960 ومجتمع2021، أي بفارق ستين سنة يبدو أن اللبناني ما زال  هو هو في أخلاقه وتقاليده وتصرفاته خصوصًا السيئة منها ولم يتقدّم قيد أنملة!

هل هذا أمر يُصدّق؟ وما هي الجينات المتحكّمة في أطباع هذا الشعب وسلوكه التي تجمّده في جليد المراوحة في المكان والزمان  ولا أمل في المبارحة والتطوّر والتحسّن؟!..

 

في فصل “لصوص إكسترا” صفحة 70 يقول منير تقي الدين:

 “اللصوصية يا صاحبي، فن، وهو على أنواع!!

واللصوص، بدورهم، من أصناف متعدّدة!!

لصوص يسرقون أموال الدولة، فهم ينهبون أموال الشعب!

ولصوص ينهبون الناس، ويقطعون الطرقات، وينشلون حقائب السيّدات!!

لصوص يستبدلون قمح الفقير بطحين ممزوج بغبار الكلس، ويعتدون على رغيف اللاجئ المشرّد، وقرش الفقير!!

لصوص يعسعسون في بطون الكتب ليتزوّدوا ببعض عبارات ونكات، ينثرونها في المجتمع، بمناسبة وبغير مناسبة!!

لصوص يبلعون “الكمبيالات” ليتخلصوا من دفعها عند الاستحقاق!!”

من يقرأ هذا الكلام يشعر بصدمة تشبه صعقة الكهرباء، إذ ما أشبه اليوم بالبارحة،  وهل من المعقول، أن شعبنا، لم يتقدّم ولو بضعة سنتمترات، لا يزال هو هو برذائله ومثالبه وصغائره ولصوصيته، كل هذه الحقارات التي يندى لها الجبين؛ والتي تضعنا في أسفل منزلة بين شعوب العالم.

يقول تيودور روزفلت: “المعرفة بدون عدالة دهاء لا حكمة”.

ونحن على ما يبدو ليس لدينا سوى الدهاء الشيطاني المرضي الشرير، وقد فقدنا المعرفة والعدالة إلى غير رجعة.

أكلنا الطمع والبغضاء والحقد والكراهية ولبسنا لبوس أنانية لم تشهد لها الإنسانية مثيلا، وحين تحلّّ علينا المصائب نبدأ بالصراخ والعويل وإلقاء الملامة على الله كعهدنا الدائم بالجحود والنكران.

تريزا دو كالكوتا

 

تقول القديسة تريزا دو كالكوتا: “الفقر ليس صنيعة الله بل نحن من نسببه انت وأنا عندما لا نتشارك بما نملكه”.

أختم بقول الله تعالى: } يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ{ سورة الحشر.

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *