“قُرع الجرس”… أي عام دراسي ينبئ به!!

Views: 669

أنطوان يزبك

 

التعليم ليس التهيئة للحياة، إنه الحياة ذاتها (جون ديوي).

 

قرع الجرس، بدأ العام الدراسي، وسط حيرة، قلق، ألم، عوز، فاقة وقلّة معرفة وتدبير، إضافة إلى جدل حول العلاقة بين العلم والتربية، الأهداف، الحاجة، وموقف من الأزمات ضاع وسط الانهيار الكبير!..

أجل إنها الأزمة الكبرى وحلولها عصيّة، ولكن المشكلة لم تبدأ مع الأزمة، إنما هي ضاربة في القدم، فمنذ زمن بعيد قد نسي الناس أهداف التعليم وفقد الأهل والتلاميذ الحسّ المقدّس في العلاقة مع المدرسة وما تمثّل من قدسيّة وأهميّة لا يعادلهما شيء في مسيرة بناء “الإنسان-المواطن” على درب الحضارة وبناء الوطن.

عندما نمرض أفلا نقصد امهر الأطباء وألمع الاختصاصيين لمعالجتنا، وعندما نطلب العلم أفلا نطلب أمهر الأساتذة على الإطلاق!!

مع الأسف، بات الرأي العام مبهورًا بالمدارس الكبرى، مع ما فيها من بهارج وأبنية ومدرّجات ويافطات تعلن فوز التلاميذ الكامل بالامتحانات الرسمية ، ولا يدرك أن ما يُنتج تربويًا لا يساوي شيئًا داخل هذه الجدران المكلّسة، على المقياس التربوي وبحسب المفهوم العلمي!

فولتير

 

ثمة تلامذة في قرى بعيدة ومدارس أقلّ من عادية حققوا، بجهد شخصي نجاحات مبهرة بسبب فضولهم العلمي ودافعهم الباطني. وخلال السنوات الماضية، وآخرون تعلموا، بواسطة أبحاث بسيطة على الإنترنت حين يتوفّر لهم، لغات أجنبية، وعلوم الفيزياء الفضائية، واطلعوا على علوم ما كانت لتحصّل في المنهاج المدرسي الكلاسيكي.

في المقابل،  طوّر أساتذة كثر قدرات تعليمية فائقة ومهارات خاصة، من خلال مهارات تربوية طوّروها بمجهودهم ومن خلال ممارسة مهنة التعليم باحتراف وتركيز واندفاع وشغف يصل إلى حدّ التكرّس والترهّب، وكانت تجاربهم مشرّفة، مع ذلك بقيت تجاربهم مهمّشة ولا أحد يلتفت إلى إنجازاتهم أو يشجعها، أو يعمد إلى تعميم خبراتهم… كل ذلك يعود إلى تركيبة الذهنيّة الفرديّة التي تقوم على عبادة الذات والفوقية وقتل كل موهبة في المهد!

أفلاطون

 

لا أعلم لماذا قال فولتير ذات يوم: “التربية تطوّر المواهب لكنها لا تخلقها”.

وربما يقصد أن الموهبة هي هبة من الله، ولا أحد يستطيع أن يصنعها، ولكن أقول لفولتير إن التربية تطوّر وتصنع المواهب؛ حين تُسلّم مقاليدها إلى أشخاص من ذوي الكفاءة، ويسمح لهم بتطوير المناهج بالطرق المناسبة التي تصنع تلميذًا يفكّر ولا يكرّر، يحلّل ولا يعلّب أفكارًا بالية عفا عليها الزمن وتحوّلت إلى صحراء جافة، بعيدًا عن قيود منهجية لا تُكسر ولا قابلية لتعديلها تبلي التلميذ ولا تبني شخصيته!!

قال أفلاطون: “الشخص الذي يهمل التعليم سيسير أعرج حتى نهاية حياته”.

يبدو أننا أهملنا التعليم إلى درجة لم يعد معها الكسح هو المثلبة الوحيدة، بل أصبنا بالشلل العام وصرنا ننتظر معجزة!..    

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *