سقوط الهالات

خليل الخوري 

تسرب نص تقرير أعده ديبلوماسي غربي شغل سابقا موقعا في سفارة بلده في بيروت، وجاء في الربيع الماضي الى لبنان في «مهمة محددة» اقتصرت على ما اسماه «أين صاروا؟»… اما واو الجماعة في الفعل صاروا، فتعود الى أهل السياسة في لبنان.

الديبلوماسي رفع التقرير الى حكومته قبل أكثر من شهرين، وقبل أيام أطلع صديقه اللبناني على مضمونه باختصار خلال تواصلهما عن بعد:

اولا- توصل الرجل الى أن جميع القادة السياسيين من حزبيين وزعماء تقليديين وآخر الاقطاعيين(…) قد سجلوا تراجعا، يراوح بين الفادح والملحوظ، ولكنهم جميعا، من دون أي استثناء، قد تراجعوا في شعبيتهم.

ثانيا- اضافة الى تقلص الشعبية فان أصحاب الهالات «التي كانت كبيرة» باتوا يدركون ان هالاتهم أسقطت في مكان، وعلى طريق السقوط في مكان آخر، ولكنها كلها قد اهتزت… فلم يعد هناك من آلهة.

ثالثا- وردت العبارة الآتية في التقرير: «مع أن بعض الاتباع لا يزالون مستعدين لتلبية أي نداء، حتى ما قد يتسبب لهم بالأذى الشخصي، الا أنهم في قرارة أنفسهم يشتمون ويلعنون الزعيم». ويضيف التقرير في هذه النقطة حول لقاءات عقدها مع بعض الأتباع ما حرفيته مترجما: كانوا تسعة أشخاص من الشبان الذين تراوح أعمارهم بين سبع عشرة واحدى وعشرين سنة، في اللقاء معهم كمجموعة أخذوا يزايدون  بعضهم على البعض الاخر في محبة مرجعيتهم وفي إعلان الولاء لها،اما في المقابلات الفردية فقال معظمهم كلاما لم يخل من الانتقاد الشديد، حتى الشتيمة.

رابعا- الاتهامات بالفساد خصوصا بسرقة المال العام والإثراء غير المشروع والجشع والطمع الخ… كانت  قاسما مشتركا بين معظم المناصرين الذين وجهوها الى قياداتهم.

خامسا- يتحدث الكثيرون عن «مجموعة العزل» وأيضا عن «أصحاب الحظوة» الذين يضربون طوقا حول الزعيم أو القيادي الذي يصبح في شبه عزلة عن الناس، فيحجبونه عنهم، ولا يأذنون الا لقلة بالوصول اليه، وأحيانا كثيرة مقابل منافع شخصية. فجماعة الطوق العازل لا يقولون السلام عليكم «الا لقاء بدل».

ما تقدم ليس سوى خلاصة عن خلاصة التقرير الذي رفعه الديبلوماسي الغربي الذي عرف لبنان جيدا، وكان أخيرا في مهمة  عندنا حول تقويم أوضاع أهل السياسة الذين يتحكمون في امورنا.

ماذا بعد هذا التقرير؟

الجواب الذي أطلع الديبلوماسي صديقه اللبناني عليه يدخل في  أمانات المجالس.