حاول أن تفهم

Views: 215

خليل الخوري 

لبنان عصيٌّ على الفهم…

تلك هي الخلاصة التي طلع بها ذاك الخبير العالمي في الشأن الاقتصادي الذي لجأت إليه الدولة اللبنانية، قبل عقود طويلة لينظم لها اقتصاد هذا البلد فيضع مشروعاً تنفيذياً في هذا الهدف.

بعد دراسات مسهبة، بمشاركة فريق عمله، الذي كان يضم كذلك نخبة من الخبراء، طلع بنتيجة غير مسبوقة في عمله الذي شمل بلداناً عدة استعانت به وخلاصته: أبقوا كما أنتم لأنني اخشى عليكم من أي تنظيم قد يطيح ازدهاركم ونموكم.

كان هذا الخبير العالمي قد فوجئ بأن بلداً صناعته شبه معدومة ويستورد كل مستلزمات الحياة من الخارج، ولا يملك ثروات طبيعية (…) ومع ذلك فهو الأكثر نموًا وازدهاراً وتقدماً ورغد عيش لأبنائه قياساً إلى سائر بلدان المنطقة.

اليوم نحن في الحال المعاكسة تماماً: فنحن في ذيل البلدان تطوراً ونمواً ومستوى العيش… ليس على صعيد المنطقة وحسب، بل على الصعيد العالمي عموماً.

مع ذلك لا تزال الأحجية تشغل الألباب والأذهان. منذ شهرين ونحن نسمع بعض المعنيبن بالمحروقات يطمئننا إلى أن الأزمة ستُحل في نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل. وتمر الأسابيع في ظهر الأسابيع والأزمة إلى تفاقم!

جيء بالمحروقات من إيران لتخفيف فضيحة غياب التيار الكهربائي فإذا بنا نغرق في عتمة مستدامة.

وعدونا ببداية حل مع النفط العراقي المستبدل بالنفط الإماراتي المصفّى… فإذا بالحل يبدو بعيداً. وأبعد!

قالوا لنا إن البواخر السبع راسية في عرض البحر قبالة شاطئنا، وما أن تُفرغ حمولاتها، بعد أن يسوّي مصرف لبنان الجانب المالي بالدولار الأميركي «الفريش موني»، حتى تتبخّر الطوابير من الشوارع والأزقة والأحياء، التي تتواجد فيها محطات المحروقات. سوّاها مصرف لبنان وإذا بالطوابير على ثلاثة صفوف بعد أن كانت على صفّين!

أليست هذه أُحجية، بل سلسلة أحاجي؟

طبعاً، الحل ليس مستعصياً على ابسط الناس:

فتش عن الدولة فلا تجدها.

فتش عن الأخلاق فهي مفقودة.

فتش عن الوطنية فهي غابت مع الزمن الجميل.

أما الجشع والطمع واستسهال المال الحرام والارتهان للخارج… فهي موجودة في كل مأساة وكل فجيعة وكل لبناني جائع وسُلبت منه أمواله ودفعوه إلى الذل، لأن الفاسدين في ازدهار والدولة في غياب عن المسؤولية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *