الامتحان

Views: 269

خليل الخوري 

 

الاختبار الأول الذي تواجهه الحكومة، سيكون اليوم من خلال جلسة مجلس الوزراء العملية الأولى. فهل ستجتازها الوزارة؟

السؤال يطرح ذاته بإلحاح، والجواب لن يكون إيجابياً لمجرد أن تمرّ الجلسة بسلاسة وهدوء، وكلام عن التفاهم والتطابق إضافة إلى استهلالية الرئيس العماد ميشال عون، التي تليها مداخلة الرئيس نجيب محمد عزمي الميقاتي. ومعروف سلفاً ما ستتضمنه الكلمتان من حث على الانكباب على العمل، والبعد عن الخلافات حول كل كبيرة وصغيرة، وتضييع الفرص وهدر الوقت في النقاشات العقيمة…

هذا، كله، معروف ومنتَظر، ولكنه لا يكفي. إذ إن المطلوب هو ما يُعرَف بـ»الجدّية العملية» التي يمكن اختصارها بالعناوين الآتية:

أولًا – أن تدرك الحكومة أنها محكومة، دستورياً، بمهلة زمنية قصيرة، تنتهي مع بدء ولاية المجلس النيابي الجديد في 21 شهر أيار المقبل. ولكن عملياً هذه المهلة أقصر كون المعنيين باتوا شبه مجمعين على إجراء الانتخابات النيابية العامة في شهر آذار المقبل كون صيام رمضان يقع في شهر نيسان وما بعد ذلك ستبرد الهمم… والمهم في هذا التفصيل أن الحكومة مدعوة إلى مضاعفة النشاط فالإنتاج.

ثانياً – المطلوب من الحكومة أن تضع سلّم أولويات من القضايا الداهمة، وما أكثرها… وأن تقيّد ذاتها بمهل سريعة للانتهاء من التنفيذ، وبالتالي سيكون الرأي العام الداخلي، وكذلك الجهات الخارجية المعنية بالشأن اللبناني، ليس فقط شاهدة على هكذا التزام وتعهد، إنما أيضاً في موقع المراقب.

ثالثاً – ليس من الأسرار والطلاسم ما يحتاجه اللبنانيون ووطنهم في هذه المرحلة المفصلية الدقيقة من تاريخهم… وفي الحقيقة والواقع هناك زحمة في القضايا التي تبحث عن حلول وكلها ذات أولوية ضاغطة، والناس لا يطلبون تعدادها اليوم في البيان الذي سيُصدَر عن مجلس الوزراء. فمن لا يعرف بوطأة انفجار المرفأ، وانهيار الليرة أمام الدولار، والفقر الذي طرق أبواب 85 في المئة من اللبنانيين وبات داخل منازل الكثيرين منهم، ومصير ودائع اللبنانيين وجنى أعمارهم، وأزمات النقل والدواء والغذاء، وفقدان المرتبات والتعويضات قدرتها، وهجرة المبدعين وذوي الكفاءات إلى الخارج خصوصاً الجسمَين الطبي والتمريضي، وقد انضم إلى هذه الهجرة الشاملة، التي تفرغ لبنان من جيل الشباب، الأساتذة في المدارس والكليات والمعاهد الجامعية ما يُشكّل خسارة لا تقدّر بثمن إلخ…

ويمكن الاستطراد في تعداد القضايا الملحّة في مزيد من اللوائح…

ونحن لا نذهب إلى مطالبة الحكومة، حديثة الولادة، باجتراح المعجزات، ذلك أننا نعرف سلفاً، كما ذكرنا في تعليقنا على البيان الوزاري، أن تنفيذه يقتضي عقوداً وليس فقط بضعة أشهر. إلا أننا نريد التزاماً ذا شقّين: الأول الانخراط في وُرَشٍ جدية، والثاني عدم هدر الوقت ومعه هدر الفُتات المتبقي من المال العام، إذا كان قد بقي شيء بالفعل..

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *